للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{يَتْلُونَ:} فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ثبوت النون، والواو فاعله، والجملة الفعلية في محلّ رفع صفة ثانية ل‍ {أُمَّةٌ} أو في محل نصب حال من الضمير المستتر ب‍ {قائِمَةٌ}. {آناءَ:}

ظرف زمان متعلّق بالفعل: {يَتْلُونَ} وهو مضاف، و {اللَّيْلِ} مضاف إليه. {وَهُمْ:} الواو: واو الحال. ({هُمْ}): ضمير منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ، والجملة بعده في محل رفع خبره، والجملة الاسمية في محل نصب حال من واو الجماعة. والرابط: الواو، والضمير.

وأجيز اعتبارها معطوفة على جملة: {يَتْلُونَ} فتكون حالا من الضمير المستتر ب‍ {قائِمَةٌ} مثلها.

{يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَأُولئِكَ مِنَ الصّالِحِينَ (١١٤)}

الشرح: {يُؤْمِنُونَ بِاللهِ:} يقرّون بالله ربّا، وبالإسلام دينا، وبالقرآن إماما، وبسيّدنا محمد صلّى الله عليه وسلّم نبيّا، وشفيعا، ورسولا. {وَالْيَوْمِ الْآخِرِ:} يعتقدون بوجوده، وبوقوعه لا محالة، وذلك؛ لأن إيمان أهل الكتاب فيه شرك، ويصفون اليوم الآخر بغير ما يصفه المؤمنون من أمّة محمد صلّى الله عليه وسلّم، والإيمان بالله يستلزم الإيمان بجميع أنبيائه، وأهل الكتاب ليسوا كذلك، والإيمان باليوم الآخر يستلزم الحذر من جميع المعاصي، وأهل الكتاب لا يحترزون منها، فلم يحصل الإيمان الخالص بالله واليوم الآخر. {وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ..}. إلخ: يعني غير مداهنين، كما يداهن أهل الكتاب بعضهم بعضا، ويأمرون بتوحيد الله وبمحمّد صلّى الله عليه وسلّم وينهون عن الشرك، وعن كتم صفة محمد صلّى الله عليه وسلّم.

{وَيُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ} أي: يعملونها مبادرين غير متثاقلين لمعرفتهم بقدر ثوابها، ومبادرتهم بالعمل الصّالح قبل الموت. قال تعالى في وصف الأنبياء في سورة (الأنبياء):

{إِنَّهُمْ كانُوا يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ..}. إلخ. {وَأُولئِكَ مِنَ الصّالِحِينَ:} أي: مع الصالحين في الجنة، وهم أصحاب محمد صلّى الله عليه وسلّم الذين صلحت أحوالهم عند الله تعالى، واستحقّوا رضاه، وإحسانه، وثناءه. والإشارة بالبعيد لبيان علوّ درجتهم، ومنزلتهم في الفضل. هذا؛ والصّلاح:

ضد الفساد، فإذا حصل الصّلاح للعبد؛ فقد حصل له أعلى الدّرجات، وأكمل المقامات، كيف لا؛ والصّدّيق يوسف-على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام-حكى القرآن دعاءه: {تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصّالِحِينَ} وحكى دعاء سليمان-على حبيبنا، وعليه ألف تحيّة-: {وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبادِكَ الصّالِحِينَ} ولكن بعض مشايخ المسلمين يمدّ يده لتقبّل، ويقول: يسنّ تقبيل يد الرجل الصّالح، والرّسول صلّى الله عليه وسلّم رفض تقبيل يده، وخذ ما يلي:

قال أبو هريرة-رضي الله عنه-: دخلت السّوق مع النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فاشترى سراويل، وقال للوزان:

(زن وأرجح) فوثب الوزّان إلى يد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ليقبّلها، فجذب يده، وقال: «هذا تفعله الأعاجم

<<  <  ج: ص:  >  >>