للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى في سورة (المدثر): {فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ (٩) عَلَى الْكافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ} هذا؛ والمراد ب‍: {يَوْمٌ} في الاية الكريمة: يوم القيامة، وهو مقدار ألف سنة من سني الدنيا، كما في الاية رقم [٤٧] من سورة (الحج)، وأما اليوم في الدنيا فهو الوقت من طلوع الشمس إلى غروبها، وهذا في العرف، وأما اليوم الشرعي؛ فهو من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، كما يطلق اليوم على الليل، والنهار معا، كما يراد في الاية رقم [٦] من سورة (الحديد) وقد يراد به الوقت مطلقا، تقول:

ذخرتك لهذا اليوم؛ أي: لهذا الوقت، والجمع أيّام، وأصله أيوام، فقلبت الواو ياء، وأدغمت الياء في الياء، وجمع الجمع أياويم. وأيام العرب: وقائعها، وحروبها، وأيام الله: نعمه، ونقمه، قال تعالى في سورة (إبراهيم) على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام: {وَذَكِّرْهُمْ بِأَيّامِ اللهِ} رقم [٥]. ويقال: فلان ابن الأيام؛ أي: العارف بأحوالها. ويقال: أنا ابن اليوم؛ أي: أعتبر حالي فيما أنا فيه.

الإعراب: {مُهْطِعِينَ:} حال أخرى من واو الجماعة منصوب، وعلامة نصبه الياء نيابة عن الفتحة؛ لأنه جمع مذكر سالم، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد، وفاعله مستتر فيه.

{إِلَى الدّاعِ:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما، وعلامة الجر كسرة مقدرة على الياء؛ لأنه اسم منقوص. {يَقُولُ:} فعل مضارع. {الْكافِرُونَ:} فاعل مرفوع وعلامة رفعه الواو... إلخ. {هذا:}

اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ، والهاء حرف تنبيه لا محل له. {يَوْمٌ:} خبر المبتدأ، {عَسِرٌ:} صفة {يَوْمٌ،} والجملة الاسمية في محل نصب مقول القول، وجملة: {يَقُولُ..}.

إلخ مستأنفة، لا محل لها؛ لأنها بمنزلة جواب لسؤال مقدر، كأنه قيل: فما يكون حينئذ، فقيل:

يقول الكافرون... إلخ. وجوز بعضهم أن تكون الجملة حالا من فاعل يخرجون، وتعقب بأنها خالية من الرابط. ويجاب بأن الرابط يقدر: يقول الكافرون منهم. فعلى هذا فالأحوال الواو في:

{يَخْرُجُونَ} أربعة واحد مقدم، وثلاثة مؤخرة. تأمل، وتدبر، وربك أجلّ، وأكرم.

{كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنا وَقالُوا مَجْنُونٌ وَاُزْدُجِرَ (٩)}

الشرح: {كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ:} قبل قومك يا محمد. {فَكَذَّبُوا عَبْدَنا} أي: نوحا، والإضافة إضافة تشريف، وتعظيم، وتبجيل، وذكر العبودية مقام عظيم، ولو كان لنبينا، وحبيبنا محمد صلّى الله عليه وسلّم أشرف منه لسماه به في تلك الحالة العلية، وهي ليلة الإسراء، والمعراج، وفي معناه أنشدوا: [السريع] يا قوم قلبي عند زهراء... يعرفه السامع والرّائي

لا تدعني إلا بيا عبدها... فإنه أشرف أسمائي

{وَقالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ} أي: زجروه على دعوته بالشتم والإيذاء، والوعيد بقولهم: {لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ}. هذا؛ وقال الزمخشري-رحمه الله تعالى-. فإن قلت: ما معنى

<<  <  ج: ص:  >  >>