للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{إِلاّ مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئاً (٦٠)}

الشرح: {إِلاّ مَنْ تابَ} أي: من تضييع الصلوات، واتباع الشهوات. {وَآمَنَ} أي: بالله، ورسله، وملائكته، وكتبه... إلخ، وذلك بعد الجحود والإنكار، والكفر والضلال. {وَعَمِلَ صالِحاً} أي: الأعمال الصالحات على اختلاف أنواعها، وتفاوت مراتبها. {فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ} أي: تكريما لهم، وجزاء على إيمانهم، وأعمالهم الصالحة. {وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئاً} أي: بزيادة شيء من سيئاتهم، أو نقص شيء من حسناتهم. هذا؛ ولا تنس: أن التوبة وحدها بدون إيمان، وعمل صالح لا تجدي شيئا، وأن التوبة، والإيمان بدون عمل صالح لا يغنيان فتيلا. فإذا فالثلاثة مرتبطة ببعضها، وكل واحد من الثلاثة مقرون بالآخرين، ومشروط قبوله، ونفعه بوجودهما، وهذا ما يسمى في علم البلاغة: الاحتراس، وقد نبهتك عليه كثيرا، ومثله في الآية رقم [٨٢] من سورة (طه) صلّى الله عليه وسلّم. وفي الآيتين دليل على أنّ الإيمان الصحيح، المقرون بالتوبة النصوح، والعمل الصالح يجبّ ما قبله. وانظر تبديل سيئات التائبين بحسنات في الآية رقم [٧٠] من سورة (الفرقان).

الإعراب: {إِلاّ:} أداة استثناء. {مَنْ:} اسم موصول مبني على السكون في محل نصب على الاستثناء المنقطع إن كان المراد في الآية السابقة الكفار، والمتصل، إن كان المراد المؤمنين من هذه الأمة. {تابَ:} ماض، وفاعله يعود إلى {مَنْ} وهو العائد، والجملة الفعلية مع المتعلق المحذوف صلة الموصول، وجملة: {وَآمَنَ} مع المتعلق المحذوف معطوفة على ما قبلها، لا محل لها. وأيضا: {وَعَمِلَ صالِحاً} معطوفة عليها، لا محل لها، وهذا الإعراب يجعل الجملة الاسمية الآتية، غير مرتبطة بما قبلها إعرابا مع أنها مرتبطة به معنى، لذا فالوجه اعتبار:

{مَنْ} مبتدأ، والفاء زائدة في خبره لتحسين اللفظ؛ لأن الموصول يشبه الشرط في العموم.

{فَأُولئِكَ:} مبتدأ، والكاف حرف خطاب لا محل له. {يَدْخُلُونَ:} مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ثبوت إلخ، والواو فاعله. {الْجَنَّةَ:} مفعول به. وانظر إعراب: {اُسْكُنُوا الْأَرْضَ:} في الآية رقم [١٠٤] سورة (الإسراء) والجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ، والجملة الاسمية:

{فَأُولئِكَ..}. إلخ في محل رفع خبر المبتدأ الأول، ومضمون الجملة الاسمية: {إِلاّ مَنْ..}. إلخ مستثنى من مضمون الكلام السابق، والاستثناء متصل، أو منقطع حسبما رأيت، ومثل هذه الآية في الإعراب الآية رقم [١٦٠] من سورة (البقرة)، ولا تنس: أنه روعي لفظ {مَنْ} في إرجاع الفاعل إليها، وروعي معناها في لفظ الإشارة، ورجوع الفاعل بعد الإشارة إليها. {وَلا:}

الواو: حرف عطف. (لا): نافية. {يُظْلَمُونَ:} مضارع مبني للمجهول مرفوع... إلخ، والواو نائب فاعله. {شَيْئاً:} مفعول به ثان، أو هو نائب مفعول مطلق، وجملة: {وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئاً} معطوفة على ما قبلها، فهي في محل رفع مثلها. وقيل: معترضة بين البدل، والمبدل منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>