للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن هذا قول النابغة الذبياني-وهو الشاهد رقم [٩١٤] من كتابنا: «فتح القريب المجيب»: [الطويل]

على حين عاتبت المشيب على الصّبا... وقلت: ألمّا أصح والشّيب وازع

وقال الحسن البصري-رحمه الله تعالى-: لا بد للناس من وازع. أي: من سلطان يكفهم، ويردعهم. وذكر ابن القاسم، قال: حدثنا مالك: أن عثمان بن عفان-رضي الله عنه-قال:

ما يزع الإمام أكثر ممّا يزع القرآن. والمحفوظ: إن الله ليزع بالسلطان، ما لا يزع بالقرآن.

وشرح الجملتين واضح إن شاء الله تعالى.

الإعراب: {وَيَوْمَ:} الواو: حرف استئناف. (يوم): ظرف زمان مفعول به لفعل محذوف، أو هو ظرف متعلق بذلك المحذوف، التقدير: اذكر لقومك المعاندين حال الكفار في القيامة لعلهم يرتدعون، ويزجرون. {يُحْشَرُ:} فعل مضارع مبني للمجهول. {أَعْداءُ:} نائب فاعله، وعلى قراءته بالنون فالفاعل مستتر تقديره: «نحن»، و (أعداء) مفعول به، وهو مضاف، و {اللهِ} مضاف إليه. {إِلَى النّارِ:} متعلقان بالفعل قبلهما، والجملة الفعلية في محل جر بإضافة (يوم) إليها.

{فَهُمْ:} الفاء: حرف عطف. (هم): مبتدأ. {يُوزَعُونَ:} فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع، وعلامة رفعه ثبوت النون، والواو نائب فاعله، والجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ، والجملة الاسمية معطوفة على ما قبلها، فهي في محلّ جر مثلها.

{حَتّى إِذا ما جاؤُها شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (٢٠)}

الشرح: {حَتّى إِذا ما جاؤُها} أي: النار، والمراد: بها: موقف الحساب، والتعبير عنه بالنار، إما للإيذان بأنها عاقبة حشرهم، وأنهم على شرف دخولها، وإما؛ لأن حسابهم يكون على شفيرها. وإنما كان هذا هو المراد؛ لأن الشهادة المذكورة إنما تكون عند الحساب، لا بعد تمام السؤال، والجواب، وسوقهم إلى النار نفسها. انتهى. جمل نقلا من أبي السعود.

هذا؛ ومناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله تعالى لما ذكر قصة عاد، وثمود، وما أصابهم من العقوبة في الدنيا بطغيانهم، وإجرامهم؛ ذكر هنا ما يصيب الكفار عامة في الآخرة من العذاب، والدمار؛ ليحصل منه تمام الاعتبار في الزجر، والتحذير عن ارتكاب المعاصي، والكفر بنعم الله. انتهى. صفوة التفاسير.

{شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ..}. إلخ: وحد الله السمع في هذه الآية، وأمثالها دون الأبصار، والجلود؛ لأمن اللبس، ولأنه في الأصل مصدر، يقال: سمعت الشيء سماعا، وسمعا، والمصدر لا يجمع؛ لأنه اسم جنس يقع على القليل، والكثير، فلا يحتاج فيه إلى تثنية، أو جمع. وقيل: وحد السمع؛ لأن مدركاته نوع واحد، وهو الصوت، ومدركات غيره مختلفة.

<<  <  ج: ص:  >  >>