للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآراء الشاذّة، وصاروا يؤوّلون الآيات، والأحاديث التي توهم تشبيها لله تعالى؛ تأويلا يقبله العقل، والشرع، مثل قوله تعالى: {الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى} وقوله جلّ ذكره: {يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} والأحاديث مثل قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إذا كان الثّلث الأخير من اللّيل؛ ينزل ربّنا... إلخ».

ومذهب السّلف يسمّى: مذهب التّفويض، والثاني يسمّى: مذهب التأويل، ومذهب السّلف أسلم، ومذهب الخلف أحكم. هذا ما أردت إيراده هنا، والله وليّ التوفيق.

الإعراب: {هَلْ} حرف استفهام إنكاري توبيخي. {يَنْظُرُونَ:} فعل مضارع مرفوع، والواو فاعله، والجملة الفعلية مستأنفة لا محل لها. {إِلاّ:} حرف حصر. {أَنْ يَأْتِيَهُمُ:} فعل مضارع منصوب ب‍ {أَنْ} والهاء مفعول به. {اللهُ:} فاعله، و {أَنْ} والفعل المضارع في تأويل مصدر في محل نصب مفعول به. {فِي ظُلَلٍ:} متعلقان بالفعل قبلهما، أو هما متعلقان بمحذوف حال من أمر الله المقدّر. {مِنَ الْغَمامِ:} متعلقان بمحذوف صفة: {ظُلَلٍ} كما يجوز تعليقهما بالفعل السابق. {وَالْمَلائِكَةُ:} معطوف على أمر الله المقدّر، وقرئ بالجر عطفا على: {ظُلَلٍ} أو على {الْغَمامِ،} {وَقُضِيَ الْأَمْرُ:} الواو حرف عطف. ({قُضِيَ الْأَمْرُ}): فعل ماض مبني للمجهول ونائب فاعله، والفعل بمعنى المضارع. لذا فالجملة الفعلية معطوفة على ما بعد {إِلاّ} فهي في حيّز الانتظار. وقيل: هي مستأنفة، وليست في حيّز الانتظار، فهي باقية على ماضويّتها، وجملة: {وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ} مستأنفة، لا محل لها، والفعل يقرأ بالبناء للفاعل، وبالبناء للمفعول، فهو يحتمل أن يكون لازما، ومتعديا.

{سَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ كَمْ آتَيْناهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُ فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ (٢١١)}

الشرح: {سَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ:} الخطاب لسيد الخلق، وحبيب الحق صلّى الله عليه وسلّم، أمره ربّه أن يسأل يهود المدينة، وليس المراد بهذا السّؤال العلم بالآيات؛ لأنّه صلّى الله عليه وسلّم كان قد علمها بإعلام الله إياه، ولكن المراد بهذا السؤال التّقريع، والتّوبيخ، والمبالغة في الزّجر عن الإعراض عن دلائل الله، وترك الشكر على نعمة الله. وقيل: المراد بهذا السؤال: التقرير. وتذكير النعم؛ التي أنعم الله بها على سلفهم. انتهى خازن.

فالله تعالى يذكر عن بني إسرائيل: كم شاهدوا على يد موسى-على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام-من حجة قاطعة بصدقه فيما جاءهم به، كيده، وعصاه، وفلقه البحر، وضربه الحجر؛ ليخرج الماء منه، وما كان من تظليل الغمام عليهم في شدّة الحرّ، ومن إنزال المنّ، والسّلوى يوم كانوا في التّيه، وغير ذلك من المعجزات الدّالات على صدقه، وعلى قدرة الله الفاعل المختار، ومع ذلك فقد أعرض كثير منهم عنها، وبدّلوا نعمة الله بالجحود، والكفر؛

<<  <  ج: ص:  >  >>