للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي: استبدلوا بالإيمان بها الكفر، والإعراض عنها، كما قال تعالى إخبارا عن كفار قريش:

{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ} الآية رقم [٢٨] من سورة (إبراهيم) على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام. {فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ:} فيه تهديد، ووعيد لمن يبدل نعمة الله، ويجحدها. والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

تنبيه: {سَلْ:} أصله: اسأل، نقلت حركة الهمزة الثانية، التي هي عين الكلمة إلى الساكن قبلها، ثم حذفت تخفيفا، وحذفت همزة الوصل للاستغناء عنها، فصار وزنه: «فل» ومثل هذه الآية قوله تعالى في سورة (ن): {سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذلِكَ زَعِيمٌ} هذا؛ وفرق بين إثبات الهمزة، وإسقاطها باختلاف الكلام المستعمل فيه، فتحذف الهمزة في الكلام المبتدأ، كما في الآيتين، وتثبت في العطف، مثل قوله تعالى في سورة (يوسف): {وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ} وقوله تعالى: {وَسْئَلُوا اللهَ مِنْ فَضْلِهِ}.

الإعراب: {سَلْ:} فعل أمر، وفاعله تقديره: أنت. {بَنِي:} مفعول به منصوب، وعلامة نصبه الياء نيابة عن الفتحة؛ لأنه ملحق بجمع المذكر السالم، وحذفت النون للإضافة، و {بَنِي} مضاف، و {إِسْرائِيلَ:} مضاف إليه مجرور، وعلامة جرة الفتحة نيابة عن الكسرة؛ لأنّه ممنوع من الصرف للعلمية، والعجمة. {كَمْ:} اسم استفهام، وقيل: خبرية بمعنى كثير مبنية على السكون في محل نصب مفعول به ثان للفعل بعدها، أو هي في محل رفع مبتدأ، والجملة الفعلية في محل رفع خبرها. فيكون الرابط محذوفا، التقدير: آتيناهم إيّاها. وقال مكي: {كَمْ} في موضوع نصب بإضمار فعل بعدها، تقديره: كم آتينا آتيناهم. والجملة على جميع الاعتبارات في محل نصب مفعول به ثان ل‍ {سَلْ} المعلّق عن العمل بسبب {كَمْ}. {مِنْ:} حرف جر صلة.

{آيَةٍ:} تمييز ل‍ {كَمْ} على الوجهين فيها منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على آخره، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة الجر الزائد. {بَيِّنَةٍ:} صفة آية على لفظها، وجملة:

{سَلْ..}. إلخ: مستأنفة، أو مبتدأة لا محل لها. {وَمَنْ:} الواو: حرف استئناف. (من): اسم شرط جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {يُبَدِّلْ:} فعل مضارع فعل الشرط، والفاعل يعود إلى: {مِنْ،} {نِعْمَةَ:} مفعول به، وهو مضاف، و {اللهِ} مضاف إليه، من إضافة المصدر لفاعله. {مِنْ بَعْدِ:} متعلقان بالفعل قبلهما. {ما:} مصدرية. {جاءَتْهُ:} فعل ماض، والتاء للتأنيث، والهاء مفعول به، والفاعل يعود إلى: {نِعْمَةَ اللهِ}. و {ما} المصدرية والفعل بعدها في تأويل مصدر في محل جر بإضافة {بَعْدِ} إليه، التقدير: من بعد مجيئها له. {فَإِنَّ:} الفاء:

واقعة في جواب الشرط. (إنّ): حرف مشبه بالفعل. {اللهِ:} اسمها. {شَدِيدُ:} خبرها، وهو مضاف، و {الْعِقابِ:} مضاف إليه، من إضافة الصفة المشبهة لفاعلها؛ إذ الأصل: شديد عقابه، والجملة الاسمية: (إن {اللهِ..}.) إلخ في محل جزم جواب الشرط عند الجمهور، والدسوقي يقول: لا محلّ لها لأنّها لم تحل محلّ المفرد. هذا؛ وإن اعتبرت جواب الشرط محذوفا، التقدير: فله السّخط، والغضب، ونحو ذلك؛ فلست مفندا، وتكون الجملة الاسمية مفيدة

<<  <  ج: ص:  >  >>