للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والفاعل مستتر تقديره: «أنا»، والكاف مفعول به، والنون حرف دال على جماعة الإناث.

{وَأُسَرِّحْكُنَّ:} الواو: حرف عطف. (أسرحكن): معطوف على ما قبله، وإعرابه مثله، والجملتان لا محل لهما؛ لأن الأولى لم تقترن بالفاء، ولا ب‍: «إذا» الفجائية. هذا؛ وقرئ الفعلان بالرفع على الاستئناف. {سَراحاً:} مفعول مطلق، وهو اسم مصدر لأن المصدر «تسريح». {جَمِيلاً:} صفة: {سَراحاً،} وجملة: (تعالين...) إلخ في محل جزم جواب الشرط، والدسوقي يقول: لا محل لها؛ لأنها لم تحل محل المفرد. و {إِنْ} ومدخولها في محل نصب مقول القول، وجملة: {قُلْ..}. إلخ لا محل لها؛ لأنها مبتدأة، مثل الجملة الندائية قبلها.

{وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالدّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِناتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً (٢٩)}

الشرح: ففي هذه الآية وعد من العزيز القدير لنساء النبي صلّى الله عليه وسلّم بأنهن إن أعرضن عن الحياة الدنيا وزينتها، وفضلن الآخرة عليها، وأردن طاعة الله، ورضين بالرسول صلّى الله عليه وسلّم، وقنعن بما يقدم لهن من طعام، وكساء، ومسكن بأن الله أعد لهن في الآخرة الأجر العظيم، والخير العميم.

وتنكيره في الآية دليل على أنه لا يعرف قدره، ولا يحيط بكنهه عقل ولا سمع ولا بصر، قال تعالى في ثواب المؤمنين الصادقين: {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ} سورة (السجدة) رقم [١٧].

هذا؛ وسبب نزول الآيتين الكريمتين: أن نساء النبي صلّى الله عليه وسلّم سألنه من عرض الدنيا شيئا، وطلبن منه زيادة في النفقة، وآذينه بغيرة بعضهن على بعض، فهجرهن النبي صلّى الله عليه وسلّم، وآلى أن لا يقربهن شهرا، ولم يخرج إلى أصحابه، فقالوا: ما شأنه؟ وكانوا يقولون: طلق رسول الله صلّى الله عليه وسلّم نساءه، فقال عمر-رضي الله عنه-: لأعلمن لكم شأنه. قال: فدخلت على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقلت: يا رسول الله! أطلقتهن؟ قال: «لا». قلت: يا رسول الله! إني دخلت المسجد، والمسلمون يقولون: طلق رسول الله صلّى الله عليه وسلّم نساءه، أفأنزل، فأخبرهم أنك لم تطلقهن؟ قال: «نعم، إن شئت». فقمت على باب المسجد، وناديت بأعلى صوتي: لم يطلق رسول الله صلّى الله عليه وسلّم نساءه، ونزلت هذه الآية: {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} الآية رقم [٨٣] من سورة (النساء)، فكنت أنا استنبطت هذا الأمر، وأنزل الله آية التخيير انتهى.

خازن. ولم يذكر هذا غيره، ولم يذكر في تفسير الآية هناك.

عن جابر بن عبد الله-رضي الله عنهما-قال: دخل أبو بكر-رضي الله عنه-يستأذن على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فوجد الناس جلوسا ببابه، لم يؤذن لأحد منهم، فأذن لأبي بكر، فدخل، ثم أقبل عمر-رضي الله عنه-فاستأذن، فأذن له، فوجد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم جالسا ساكتا، وحوله نساؤه،

<<  <  ج: ص:  >  >>