والمعنى يقضي: أن الخبر المقدر بعد الاستثناء. تأمل. {إِلاّ}: حرف استثناء. {أَنْ} حرف مصدري ونصب. {يَهْدِي}: مضارع مبني للمجهول منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على الألف المقصورة للتعذر، ونائب الفاعل مستتر تقديره:«هو» يعود إلى (من)، و {أَنْ} المضارع في تأويل مصدر في محل نصب على الاستثناء، وهو في الأصل مجرور بحرف جر؛ فلما حذف الجار انتصب المصدر على الاستثناء المتصل، والجملة الاسمية:{أَمَّنْ..}. إلخ: معطوفة على ما قبلها لا محل لها. {فَما}: الفاء: هي الفصيحة. (ما): اسم استفهام وتوبيخ مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {لَكُمْ}: متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ، والجملة الاسمية لا محل لها؛ لأنها جواب شرط غير جازم محذوف؛ إذ التقدير: وإذا كان ما ذكر في شأن شركائكم حاصلا وواقعا فما لكم تحكمون هذا الحكم الفاسد بعبادتهم، وتقديسهم وتعظيمهم؟! والشرط المقدر ومدخوله معطوف على ما قبله لا محل له. {كَيْفَ}: اسم استفهام مبني على الفتح في محل نصب حال عامله ما بعده، والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنها بمنزلة التوكيد للجملة الاسمية المتضمنة للاستفهام التوبيخي.
الشرح:{وَما يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ} أي: فيما يعتقدون. {إِلاّ ظَنًّا}: مستندا إلى خيالات فارغة، وأقيسة فاسدة، كقياس الغائب على الشاهد، والخالق على المخلوق بأدنى مشاركة موهومة، والمراد بالأكثر الجميع، أو من ينتمي منهم إلى تمييز ونظر، ولا يرضى بالتقليد الصرف، هذا؛ وأصل (الظن) استعماله في الطرف الراجح، وهنا قد استعمل في الطرف الموهوم فضلا عن المرجوح، والظن الذي يتبعه المشركون هو: أن الأصنام تشفع لهم. {إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً}: أي إن الظن لا يقوم مقام العلم والحقيقة، ولا ينفع صاحبه شيئا، وفيه دليل على أن تحصيل العلم في أصول الدين وقواعده واجب، والاكتفاء بالظن والتقليد غير جائز. {إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِما يَفْعَلُونَ}: فيه تهديد ووعيد لهؤلاء المشركين الذين قلدوا آباءهم بعبادة الأصنام، وأعرضوا عن الحق والبرهان.
الإعراب:{وَما}: الواو: حرف استئناف. (ما): نافية. {يَتَّبِعُ}: مضارع. {أَكْثَرُهُمْ}: فاعل والهاء: في محل جر بالإضافة. {إِلاّ}: حرف حصر. {ظَنًّا}: مفعول به. والجملة الفعلية:{وَما يَتَّبِعُ..}. إلخ: مستأنفة لا محل لها. {إِنَّ}: حرف مشبه بالفعل. {الظَّنَّ}: اسمها. {إِلاّ}:
نافية. {يُغْنِي}: مضارع مرفوع وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الياء للثقل، والفاعل يعود إلى {الظَّنَّ،} والجملة الفعلية في محل رفع خبر {إِنَّ}. {مِنَ الْحَقِّ}: متعلقان بمحذوف حال من شيئا كان صفة له... إلخ. {شَيْئاً}: مفعول مطلق، أو هو مفعول به على تفسير {يُغْنِي} ب «يدفع»،