للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حرف خطاب لا محل له. {فَأُولئِكَ:} (الفاء): واقعة في جواب الشرط. (أولئك): اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ، والكاف حرف خطاب، لا محل له من الإعراب. {هُمْ:}

ضمير فصل لا محل له. {العادُونَ:} خبر المبتدأ. هذا؛ ويجوز اعتبار الضمير مبتدأ ثانيا و {العادُونَ} خبره، والجملة الاسمية هذه في محل رفع خبر المبتدأ الأول، وعلى الوجهين فالجملة الاسمية: (أولئك...) إلخ في محل جزم جواب الشرط عند الجمهور. والدسوقي يقول: لا محل لها؛ لأنها لم تحل محل المفرد. وخبر المبتدأ الذي هو (من) مختلف فيه، فقيل: هو جملة الشرط. وقيل: جملة الجواب، وقيل: هما معا وهو المرجح لدى المعاصرين.

هذا؛ وإن اعتبرت (من) اسما موصولا؛ فهي مبتدأ، والجملة الفعلية بعده صلته، وخبره الجملة الاسمية: (أولئك...) إلخ، وزيدت الفاء في خبره؛ لأن الموصول يشبه الشرط في العموم.

تأمل، وتدبر، وربك أعلم.

{وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ (٣٢)}

الشرح: (الأمانات): جمع أمانة، وهي تشمل الودائع، التي يضعها أصحابها عند غيرهم؛ ليحفظوها لهم. وتشمل أيضا: جميع التكاليف الإلهية، التي كلف الله بها عباده المؤمنين.

وتشمل كذلك جميع جوارح الإنسان من عين، وأذن، ويد... إلخ، وتشمل جميع المعاملات من بيع، وشراء... إلخ، وتشمل جميع النعم، التي أنعم الله بها على العبد من ولد، وزوجة... إلخ، لذا كانت مسؤوليتها كبرى أمام رب العالمين، وثقيلة أبت السموات، والأرض، والجبال أن تتحملها. خذ قول العزيز الحكيم في سورة (الأحزاب) رقم [٧٢]: {إِنّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً}.

وقد أكد الرسول صلّى الله عليه وسلّم أمر الأمانة، وشدد النكير على من يتساهل فيها، ويخونها. فعن عبد الله بن عمر-رضي الله عنهما-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا صلاة لمن لا طهور له، ولا دين لمن لا صلاة له... إلخ». رواه الطبراني. وعن علي-رضي الله عنه وكرم الله وجهه-: قال: كنا جلوسا عند رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فطلع علينا رجل من أهل العالية، فقال:

يا رسول الله! أخبرني بأشدّ شيء في هذا الدّين، وألينه؟ فقال: «ألينه شهادة أن لا إله إلاّ الله، وأنّ محمدا رسول الله، وأشدّه يا أخا العالية الأمانة، إنه لا دين لمن لا أمانة له، ولا صلاة له، ولا زكاة له». رواه البزار. واعتبر الرسول صلّى الله عليه وسلّم الخيانة في الأمانة من علامات الساعة الصغرى.

فعن عمران بن حصين-رضي الله عنهما-عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «خيركم قرني، ثمّ الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يكون بعدهم قوم يشهدون، ولا يستشهدون، ويخونون ولا

<<  <  ج: ص:  >  >>