{فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} أي: على إتيان أزواجهم، وإمائهم؛ إذا كان الإتيان على وجه أذن فيه الشرع، دون الإتيان في الدبر، أو في حال الحيض، والنفاس، فإنه محظور، فلا يجوز، ومن فعله فإنه ملوم، ومن أتى امرأته الحائض في أول الحيض؛ فيجب عليه أن يتصدق بدينار، ومن أتاها في آخر الحيض؛ فليتصدق بربع دينار. {فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ} أي: المتجاوزون الحد من الحلال إلى الحرام، وذلك مما يوجب الحد على الزاني، واللائط، والتعزيز على إتيان البهيمة، وإتيان المرأة في دبرها، والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.
الإعراب:{وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ} هذه الجملة معطوفة على قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذابِ..}. إلخ، وإعرابها مثلها بلا فارق. هذا؛ وقال السمين: اللام في {لِفُرُوجِهِمْ} زائدة، وعليه فهو مفعول مقدم ل:{حافِظُونَ،} فهو منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على آخره، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد، وزيادة اللام هذه على قول السمين، مثل قول ابن هشام بزيادتها في قوله تعالى في سورة (البروج): {فَعّالٌ لِما يُرِيدُ} والآية رقم [١٦] من هذه السورة، ونحو ذلك، وقد سماها ابن هشام لام التقوية. هذا؛ ومثل هذه الآية قوله تعالى في سورة (المؤمنون) رقم [٤]: {وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكاةِ فاعِلُونَ}. {إِلاّ:} حرف حصر. {عَلى أَزْواجِهِمْ:}
في تعليقهما أوجه: أحدها: أنهما متعلقان ب: {حافِظُونَ} على تضمينه معنى: ممسكون، أو قاصرون. الثاني: أنهما متعلقان بمحذوف حال مستثنى من عموم الأحوال، التقدير: حافظون فروجهم في كل حال؛ إلا في حال إتيانهم أزواجهم، أو إماءهم. الثالث: أنهما متعلقان بمحذوف يدل عليه: {غَيْرُ مَلُومِينَ} وكأنه قيل: يلامون إلا على أزواجهم. والهاء في محل جر بالإضافة. {أَوْ:} حرف عطف. {ما:} اسم موصول مبني على السكون في محل جر معطوف على {أَزْواجِهِمْ}. {مَلَكَتْ:} فعل ماض، والتاء للتأنيث حرف لا محل له. {أَيْمانُهُمْ:} فاعله، والهاء في محل جر بالإضافة، والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محل لها، والعائد محذوف، التقدير: أو الذي ملكته أيمانهم. {فَإِنَّهُمْ:}(الفاء): حرف تعليل. (إنهم): حرف مشبه بالفعل، والهاء اسمها. {غَيْرُ:} خبر (إنّ)، و {غَيْرُ} مضاف، و {مَلُومِينَ} مضاف إليه مجرور... إلخ، والجملة الاسمية تعليل لنفي الحرج والمؤاخذة، وهو ما تضمنه الاستثناء.
{فَمَنِ:} الفاء: حرف استئناف. (من): اسم شرط جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {اِبْتَغى:} فعل ماض مبني على فتح مقدر على الألف في محل جزم فعل الشرط، والفاعل يعود إلى (من)، تقديره:«هو». {وَراءَ:} مفعول به على تفسيره ب: «سوى»، وظرف مكان متعلق بما قبله على تفسيره ب:«بعد» ونحوه. وقال الزجاج: التقدير: فمن ابتغى ما بعد ذلك. وعليه:
فالمفعول محذوف، و {وَراءَ} متعلق بمحذوف صلة المفعول المحذوف المقدر ب: «ما»، و {وَراءَ} مضاف، و {ذلِكَ} اسم إشارة مبني على السكون في محل جر بالإضافة، واللام للبعد، والكاف