للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقال: إن عبد الله بن عباس-رضي الله عنهما-كان يقول بالمتعة، ويحلها، ثم رجع إلى التحريم حينما بلغه أحاديث النهي، وتأكد من صحتها، ويتعلق من يبيح المتعة بذلك المروي عن ابن عباس-رضي الله عنهما-. ويروي: أن المأمون العباسي أباحها للمجاهدين، وهم بعيدون عن أهليهم، فدخل عليه العالم الجليل يحيى بن أكثم-رحمه الله تعالى-وهو يرتعد غضبا، فقال المأمون: ما للإمام يشتاط غضبا؟ فقال الإمام العظيم: كيف لا أشتاط غضبا، وقد انتهكت حرمات الله، وأحلّ ما حرم الله ورسوله؟! فقال المأمون: ومن فعل ذلك؟ فقال: أمير المؤمنين فعل ذلك! قال: وكيف كان ذلك؟! قال: ألم تحل المتعة وقد حرمها الله ورسوله إلى يوم القيامة؟ قال المأمون: أليست تحل بعقد شرعي، ومهر، ورضا، واختيار مع رشد، وعقل؟ قال:

يا أمير المؤمنين! فالله يقول: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ (٢٩) إِلاّ عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ} أهي زوجة ترث، وتورث؟ قال: لا. قال: أيلحق الولد بالتمتع بالمرأة، إذا كان بعيدا عن البلد المتمتع بها؟ قال: لا. قال: أهي أمة في ملك اليمين؟ قال: لا. قال: هي إذا محرمة إذا كانت ليست زوجة بالمعنى الصحيح، ولا أمة بملك اليمين. فرجع المأمون-رحمه الله تعالى-عن تحليلها، واستغفر الله.

وأخيرا أقول: تأباها المروءة والشرف، فأي: رجل فيه شيء من ذلك، ثم هو يرضى أن يسلم أخته، أو بنته لشخص أياما معدودة يستمتع بها، ثم هو يردها له، وقد تكون حملت منه بولد؟! ثم ما مصير هذا الولد؟ هل هو لقيط، أو ابن زنى، أو هو ولد شرعي؟ فيجب أن يرث من والده وينتسب إليه، وهل يتأتى هذا في نكاح المتعة؟!

تنبيه: أقول: إنه قد فشا في هذه الأيام زنى بشرف، وفخر، وترضى به المرأة، وهي مرفوعة الرأس، ويقره زوجها، وهو شامخ الأنف، ذلك هو تلقيح المرأة من مادة رجل أجنبي غير زوجها، الذي ثبت عقمه، فهو يقر الدياثة بنفسه ما دام يأخذها بيده إلى طبيب قذر، لا يعرف للمروءة سبيلا، ولا للشهامة طريقا، ويكون شريكا للرجل في الدياثة، والحرمان من جنة النعيم، فقد قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «ثلاثة حرّم الله تبارك وتعالى عليهم الجنة: مدمن الخمر، والعاقّ لوالديه، والدّيّوث الذي يقر في أهله الخبث». رواه الإمام أحمد، والنسائي عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-.

تنبيه: قد تحرم الزوجة (أي: إتيانها) لعارض حيض، أو نفاس، وقد صرحت به آية البقرة رقم [٢٢٢]: {وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتّى يَطْهُرْنَ..}.

إلخ. هذا؛ وإجراء (ما) وهي لغير العاقل على الإماء، وهنّ عاقلات؛ لأنهن ناقصات عقل، ولأنهن يبعن، ويشترين، كالبهائم، كما أطلقت على النساء الحرائر في قوله تعالى في سورة (النساء) [٣]: {فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ} للسبب الأول فقط.

<<  <  ج: ص:  >  >>