الشرح:{اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا:} أي: متولّي أمورهم، وناصرهم على أعدائهم. هذا؛ ويكثر قوله تعالى:{ما لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ} فالولي: من يتولّى شئون غيره، والنّصير: المعين والمساعد، والفرق بينهما أنّ الولي قد يضعف عن النّصرة، والمعاونة، والنّصير قد يكون أجنبيّا من المنصور، فبينهما عموم، وخصوص من وجه. هذا؛ والولي لله: العارف بالله تعالى على حسب ما يمكن المواظبة على الطّاعات، المعرض على الانهماك في اللّذات والشّهوات. وفيه وجهان: أحدهما: أنّه فعيل بمعنى مفعول، كقتيل بمعنى مقتول، وجريح بمعنى مجروح، فعلى هذا هو من يتولّى الله حفظه، ورعايته، فلا يكله إلى غيره، ونفسه طرفة عين، كما قال تعالى:
راحم، وعالم، فعلى هذا هو من يتولّى عبادة الله تعالى، من غير أن يتخلّلها عصيان، أو فتور، وكلا المعنيين شرط في الولاية، فمن شرط الولي أن يكون محفوظا، كما أنّه من شرط النّبيّ أن يكون معصوما، فكلّ من كان للشرع عليه اعتراض؛ فليس بوليّ، بل هو مغرور مخادع، ذكره الإمام أبو القاسم القشيري، وغيره من أئمة الطّريقة، رحمهم الله تعالى من شرح ألفاظ الزبد للشّيخ أحمد بن حجازي الفشني، رحمه الله تعالى، وربنا يقول في الحديث القدسيّ:«من عادى لي وليّا فقد آذنته بالحرب» انظر الآية رقم [٢٧٩] الآتية.
{يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ:} الظلمات: جمع ظلمة، وهي الكفر، والجهل، والظلم، ونحو ذلك، وإنّما جمعها لتعدّد فنون الضّلال، والمعاصي. {النُّورِ:} الهدى، والإيمان، وإنّما لم يجمع؛ لأن الإيمان واحد لا يتعدّد بخلاف الضّلال، قال تعالى في سورة (الأنعام) رقم [١٥٣]: {وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ}.
وقال الشاعر الحكيم:[البسيط]
الطّرق شتّى وطرق الحقّ مفردة... والسّالكون طريق الحقّ أفراد
لا يعرفون ولا تدرى مقاصدهم... فهم على مهل يمشون قصّاد
والنّاس في غفلة عمّا يراد بهم... فجلّهم عن سبيل الحقّ رقّاد
{وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطّاغُوتُ} المراد به الجمع، ولذا قرئ:(الطّواغيت)، وفسر بكعب بن الأشرف، وحيي بن أخطب، وسائر رءوس الضّلالة في كلّ زمان، ومكان.