{وَمَنْ:}(الواو): حرف استئناف، (من): اسم شرط جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {يَتَوَلَّ:} فعل مضارع فعل الشرط مجزوم، وعلامة جزمه حذف حرف العلة، وهو الألف، والفتحة قبلها دليل عليها، والفاعل يعود إلى (من) تقديره: «هو»، والمتعلق محذوف، انظر تقديره في الشرح. {فَإِنَّ:}(الفاء): واقعة في جواب الشرط. (إنّ): حرف مشبه بالفعل.
{اللهَ:} اسم (إنّ). {هُوَ:} ضمير فصل لا محل له. {الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ:} خبران ل: (إنّ). هذا؛ وإن اعتبرت الضمير مبتدأ، و {الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} خبرين له؛ فالجملة الاسمية تكون في محل رفع خبر (إنّ)، ورجح الأول؛ لأنه قرئ بإسقاط الضمير، والجملة الاسمية (إن الله...) إلخ في محل جزم جواب الشرط عند الجمهور، والدسوقي يقول: لا محل لها؛ لأنها لم تحل محل المفرد، وخبر المبتدأ الذي هو (من) مختلف فيه، فقيل: جملة الشرط. وقيل: جملة الجواب.
وقيل: الجملتان، وهو المرجح لدى المعاصرين. هذا؛ وإن اعتبرت جواب الشرط محذوفا، التقدير: ومن يتول عن الإيمان؛ فلا يضر إلا نفسه فلا بأس به، بل هو أجود؛ لأن الجملة الاسمية (إن الله...) إلخ خالية من رابط يربطها باسم الشرط كما هو واضح، وعليه تكون الجملة الاسمية تعليلا لجواب الشرط المقدر، وهذه الجملة مذكورة في سورة (الممتحنة) برقم [٦]. والجملة الاسمية:(من يتولّ...) إلخ مستأنفة، لا محل لها.
{وَالْمِيزانَ} أي: العدل؛ أي: وأمرنا بالعدل. قال القشيري: وإذا حملناه على الميزان المعروف، فالمعنى: أنزلنا الكتاب، ووضعنا الميزان، فهو من باب قول الشاعر:[الرجز] علفتها تبنا وماء باردا... حتّى غدت همّالة عيناها
انظر ما أذكره في الاية رقم [٩] من سورة (الحشر). قال القرطبي: ويدل على هذا التأويل قوله تعالى في سورة (الرحمن): {وَالسَّماءَ رَفَعَها وَوَضَعَ الْمِيزانَ}. {لِيَقُومَ النّاسُ بِالْقِسْطِ} أي:
بالعدل. قال تعالى في سورة (الرحمن) الاية رقم [٩]: {وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ}. انظر شرح هاتين الايتين في محلهما.