للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(الأرض): مفعول به لفعل محذوف، يفسره المذكور بعده. {بَعْدَ:} ظرف زمان متعلق بالفعل المحذوف، أو هو متعلق بما بعده، و {بَعْدَ} مضاف، و {ذلِكَ} اسم إشارة مبني على السكون في محل جر بالإضافة، واللام للبعد، والكاف حرف خطاب، لا محل له. {دَحاها:} فعل ماض مبني على فتح مقدر على الألف للتعذر، والفاعل يعود إلى (الله)، والجملة الفعلية مفسرة لا محل لها.

هذا؛ ويقرأ برفع (الأرض) على أنه مبتدأ، فتكون الجملة الفعلية في محل رفع خبره. وعلى الاعتبارين فالكلام مستأنف، لا محل له، وجملة: {أَخْرَجَ مِنْها ماءَها وَمَرْعاها} في محل نصب حال من فاعل {دَحاها} المستتر، والرابط: الضمير فقط، وهي على تقدير «قد» قبلها، وإعرابها ظاهر إن شاء الله تعالى. (والجبال أرساها) إعرابها مثل إعراب: {وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها} على الوجهين المعتبرين فيها بلا فارق، ولا تنس: أن فاعل الأفعال المتقدمة يعود إلى غير مذكور، وإنما يفهم من سياق الكلام، انظر ما ذكرته بشأن ذلك في الآية رقم [٢٦] من سورة (القيامة).

{مَتاعاً:} مفعول مطلق لفعل محذوف مدلول عليه بسياق الكلام، التقدير: متعناكم بها تمتيعا، أو هو مفعول لأجله، عامله محذوف أيضا، التقدير: فعل الله ذلك منفعة لكم. {لَكُمْ:}

جار ومجرور متعلقان ب‍: {مَتاعاً}. (لأنعامكم): جار ومجرور معطوفان على ما قبلهما، والكاف ضمير في محل جر بالإضافة.

{فَإِذا جاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرى (٣٤) يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ ما سَعى (٣٥) وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرى (٣٦)}

الشرح: {فَإِذا جاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرى:} يعني النفخة الثانية التي ينفخ إسرافيل عليه السّلام في الصور. قاله ابن عباس في رواية الضحاك عنه، وهو قول الحسن. وقول آخر لابن عباس -رضي الله عنهما-: أنها القيامة، سميت بذلك؛ لأنها تطم على كل شيء، فتعم ما سواها لعظم هولها. كما قال تعالى في سورة (القمر): {وَالسّاعَةُ أَدْهى وَأَمَرُّ} وقال المبرد: الطامة عند العرب:

الداهية؛ التي لا تستطاع. وقال القاسم بن الوليد الهمداني: الطامة الكبرى: حين يساق أهل الجنة إلى الجنة، وأهل النار إلى النار. وكما قال المبرد: الطامة عند العرب: الداهية التي طمت وعظمت. قال الشاعر: [الرمل]

إنّ بعض الحبّ يعمي ويصم... وكذاك البغض أدهى وأطم

هذا؛ وكما تطلق الطامة على النفخة الثانية يطلق عليها لفظ: الصاخة، ولفظ: القارعة، والواقعة، والحاقة، والمراد بكل ذلك: يوم القيامة، وما فيه من الأهوال العظام، والشدائد الجسام ولعلك تدرك معي: أن الله تعالى لما ذكر خلق السموات، والأرض، وما أبدع فيهما من عجائب الخلق، والتكوين؛ ليقيم الدليل على إمكان الحشر عقلا؛ أخبر بعد ذلك عن وقوعه

<<  <  ج: ص:  >  >>