للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ظرف مكان متعلق بالفعل قبله، أو هو متعلق بمحذوف حال من: {سَبِيلاً،} كان صفة له، فلما قدم عليه صار حالا، وقيل: مفعول ثان، وليس بشيء، و (مع) مضاف، و {الرَّسُولِ} مضاف إليه.

{سَبِيلاً:} مفعول به، وجملة: {اِتَّخَذْتُ..}. إلخ في محل رفع خبر (ليت)، والجملة الاسمية:

{يا لَيْتَنِي..}. إلخ في محل نصب مقول القول، وجملة: {يَقُولُ..}. إلخ في محل نصب حال من {الظّالِمُ،} والرابط: الضمير فقط.

{يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً (٢٨)}

الشرح: {يا وَيْلَتى:} دعاء بالثبور والهلاك على محالفة الكافر ومتابعته، قال الزجاج:

أصلها يا ويلتي، فأبدل من الياء ألفا؛ لأنها أخف من الياء والكسرة. هذا؛ وقرئ بالياء على الأصل، قال البيضاوي: أصله في الشر، فأطلق في كل أمر فظيع. انتهى. أقول: وهي كلمة تحسر وتلهف على ما فات، وتستعمل عند الداهية العظيمة، وجاءت للتعجب في الآية رقم [٧٢] من سورة (هود) على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام. {لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً:} فلان كناية عن الأعلام، وإن أريد به الجنس، فكل من اتخذ من المضلين خليلا، كان اسم علم لخليله لا محالة، فجعله كناية عنه، وقيل: هو كناية عن الشيطان بدليل الآية التالية، وفي الجمل نقلا عن السمين: فلان كناية عن علم من يعقل من الذكور، وهو منصرف، و «فل» كناية عن نكرة من يعقل من الذكور، وفلانة كناية عن علم من يعقل من الإناث، و «فلة» كناية عن نكرة من يعقل من الإناث، والفلان والفلانة بالألف واللام كناية عن غير العاقل، ولام فل وفلان فيها وجهان:

أحدهما: أنها واو، والثاني: أنها ياء انتهى. والخليل: الصاحب، والصديق الذي صفت مودته، فتجد من خلاله مثل ما يجد من خلالك، ويسعى لمصلحتك، كما يسعى لمصلحته، بل قد يؤثرك على نفسه، ويبذل روحه من أجلك، كما قال ربيعة بن مقروم الضبي: [الوافر]

أخوك أخوك من يدنو وترجو... مودّته، وإن دعي استجابا

إذا حاربت حارب من تعادي... وزاد سلاحه منك اقترابا

وهو معدوم في هذا الزمن الذي فسد أهله، وصاروا خلاّ ودودا كما قال القائل: [الوافر]

سألت النّاس عن خلّ ودود... فقالوا النّاس من خلّ ودود

فقلت أليس فيهم ذو وفاء؟ ... فقالوا كان ذلك في الجدود

احفظ هذين البيتين، ولا تنس ما فيهما من الجناس التام. لذا فإنه لا وجود للصديق، بالمعنى الحقيقي، بل صار وجوده مستحيلا كما قال القائل: [الكامل]

قد قيل إنّ المستحيل ثلاثة... الغول والعنقاء والخلّ الوفي

<<  <  ج: ص:  >  >>