للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المقول عنه بعينه، أو فيمن كان في مرتبته من أزواج النبي صلّى الله عليه وسلّم- {إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ:} فلا تعودوا لقذف أزواج النبي صلّى الله عليه وسلّم، وفيه تعريض بأن من قذف أزواجه عليه الصلاة والسّلام فهو ليس بمؤمن.

قال هشام بن عمار: سمعت مالكا يقول: من سبّ أبا بكر، وعمر أدّب، ومن سب عائشة قتل؛ لأن الله يقول: {يَعِظُكُمُ اللهُ..}. إلخ فمن سب عائشة فقد خالف القرآن، ومن خالف القرآن قتل. وقال أصحاب الشافعي: من سب عائشة-رضي الله عنها-أدّب كما في سائر المؤمنين، ولا يسلب عنه الإيمان، وإنما هو على حد قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «لا يؤمن من لا يأمن جاره بوائقه».

قال أصحاب مالك في الرد عليهم بقولهم: ليس الأمر كما زعمتم، فإن أهل الإفك رموا عائشة المطهرة بالفاحشة، فبرأها الله تعالى مما قالوا، فكل من سبها بما برأها الله منه فهو مكذب لله، ومن كذب الله فهو كافر. فهذا طريق قول مالك، وهي سبيل الآية، وهي لائحة لأهل البصائر، ولو أن رجلا سب عائشة بغير ما برأها الله منه لكان جزاؤه الأدب. انتهى. قرطبي بتصرف -رضي الله عنهم أجمعين-.

هذا؛ وإعلال «يعظ» مثل إعلال «يعد» في الآية رقم [٣٥] من سورة (المؤمنون)، وانظر شرح (مثل) في الآية رقم [٦٠] من سورة (الحج)، وشرح (الأبد) في الآية رقم [٤].

الإعراب: {يَعِظُكُمُ:} مضارع، والكاف مفعول به. {اللهُ:} فاعله. {أَنْ تَعُودُوا:} مضارع منصوب ب‍: {أَنْ،} وعلامة نصبه حذف النون، والواو فاعله، والألف للتفريق، وفي المصدر المؤول من المضارع وناصبه أوجه: أحدها: أنه مجرور ب‍: «عن» محذوفة، وهذا على تأويل {يَعِظُكُمُ} ب‍ «ينهاكم»، أو هو مجرور ب‍ «في» محذوفة على لفظه، وهو عند البصريين في محل جر بإضافته لمفعول لأجله محذوف، التقدير: كراهة عودكم، وهو عند الكوفيين على تقدير:

لئلا تعودوا، وقد مر معنا كثير من مثله. {لِمِثْلِهِ:} متعلقان بالفعل قبلهما، والهاء في محل جر بالإضافة. {أَبَداً:} ظرف زمان متعلق بالفعل قبله. {أَنْ:} حرف شرط جازم. {كُنْتُمْ:} ماض ناقص مبني على السكون في محل جزم فعل الشرط، والتاء اسمه. {مُؤْمِنِينَ:} خبر (كان) منصوب، وعلامة نصبه الياء... إلخ، وجملة: {كُنْتُمْ..}. إلخ لا محل لها؛ لأنها ابتدائية، ويقال: لأنها جملة شرط غير ظرفي، وجواب الشرط محذوف لدلالة ما قبله عليه، التقدير: إن كنتم مؤمنين؛ فلا تعودوا... إلخ، وجملة: {يَعِظُكُمُ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها.

{وَيُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (١٨)}

الشرح: المعنى يبين ويوضح الله الدلالات الواضحات، وأحكام الشرائع، والآداب الجميلة، {وَاللهُ عَلِيمٌ} بأمر عائشة، وصفوان، وبكم جميعا، وأعمالكم، وتصرفاتكم.

{حَكِيمٌ:} في جميع تشريعاته، وتدابيره، بل وبجميع صنعه.

<<  <  ج: ص:  >  >>