للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو خالد في الإقامة الدائمة. وقيل: هو في موضع نصب؛ أي: يشبهون من هو خالد فيما ذكرناه.

وكلا القولين لم يقل بهما أحد، وقد أغرب القرطبي حيث قال: {كَمَنْ} بدل من قوله: {أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ}. ولو قال: بدل من قوله: {كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ} لكان أقرب إلى الصواب.

{هُوَ خالِدٌ:} مبتدأ وخبر، والجملة الاسمية صلة الموصول لا محلّ لها. {فِي النّارِ:}

متعلقان ب‍: {خالِدٌ} لأنه اسم فاعل؛ لذا فاعله مستتر فيه. {وَسُقُوا:} الواو: حرف عطف.

(سقوا): فعل ماض مبني للمجهول، والواو نائب فاعله، وهو المفعول الأول. {ماءٍ:} مفعول به ثان. {حَمِيماً:} صفة: {ماءٍ،} والجملة الفعلية معطوفة على جملة الصلة، لا محلّ لها مثلها. {فَقَطَّعَ:} الفاء: حرف عطف. (قطع): فعل ماض، والفاعل يعود إلى: {ماءٍ}.

{أَمْعاءَهُمْ:} مفعول به، والهاء في محل جر بالإضافة، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، فهي من جملة الصلة، فهو عطف صلة فعلية على صلة اسمية، وفي المعطوف مراعاة معنى (من) وفي المعطوفة عليه مراعاة لفظها.

{وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتّى إِذا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ماذا قالَ آنِفاً أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَاِتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ (١٦)}

الشرح: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ} أي: من هؤلاء الذين يتمتعون، ويأكلون، كما تأكل الأنعام، وزين لهم سوء عملهم قوم يستمعون إليك، وهم المنافقون، كانوا يحضرون الخطبة يوم الجمعة، فإذا سمعوا ذكر المنافقين فيها؛ أعرضوا عنه، فإذا خرجوا؛ سألوا عنه. قاله الكلبي، ومقاتل. وقيل: كانوا يحضرون عند رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مع المؤمنين، فيستمعون منه ما يقول، فيعيه المؤمن، ولا يعيه الكافر. انتهى. قرطبي. والخطاب للنبي صلّى الله عليه وسلّم.

{حَتّى إِذا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ} أي: إذا فارقوا مجلسك. {قالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ} أي: لعلماء الصحابة-منهم: ابن مسعود، وابن عباس-استهزاء، وسخرية. {ماذا قالَ} أي: الرسول صلّى الله عليه وسلّم؟ {آنِفاً:} يقرأ بمد الهمزة، وقصرها لغتان بمعنى واحد، وهما اسما فاعل، كحاذر وحذر، وآسن، وأسن؛ إلاّ أنه لم يستعمل لهما فعل مجرد، بل المستعمل: ائتنف، يأتنف، واستأنف، يستأنف. والائتناف، والاستئناف: الابتداء، قال الزجاج: هو من: استأنفت الشيء: إذا ابتدرته، ومعنى: {آنِفاً:} سالفا. أو المعنى: ماذا قال في أول وقت يقرب منا.

هذا؛ وأنف الثلاثي بمعنى: كره الشيء، وأنف من العار: ترفع، وتنزه عنه. ومنه: أمر أنف، وروضة أنف؛ أي: لم يرعها أحد. وكأس أنف؛ إذا لم يشرب منها شيء. قال لقيط بن زرارة: [الرجز] إنّ الشّواء والنشيل والرّغف... والقينة الحسناء والكأس الأنف

<<  <  ج: ص:  >  >>