للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَفِي أَنْفُسِكُمْ} أي: آيات، ودلالات على قدرة الصانع الحكيم؛ إذ كنتم نطفة، ثم علقة، ثم مضغة، ثم عظما إلى أن تنفخ الروح. وقال ابن عباس-رضي الله عنهما-: يريد اختلاف الألسنة، والصور، والألوان والطبائع. وقيل: يريد سبيل الغائط، والبول، يأكل، ويشرب من مدخل واحد، ويخرج من سبيلين. وقيل: يعني تقويم الأعضاء: السمع، والبصر، والنطق، والعقل إلى غير ذلك من العجائب المودعة في ابن آدم. {أَفَلا تُبْصِرُونَ} كيف خلقكم، فتعرفوا قدرته؛ ولذا قيل: من عرف نفسه؛ عرف ربه؛ أي: عرف نفسه بالضعف، والعجز، عرف ربه بالقدرة، والعظمة.

{وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ:} قال سعيد بن جبير، والضحاك: الرزق هنا: ما ينزل من السماء من مطر، وثلج ينبت به الزرع، ويحيا به الخلق. وعن الحسن البصري: أنه كان إذا رأى السحاب، قال لأصحابه: فيه والله رزقكم، ولكنكم تحرمونه بخطاياكم. وقال أهل المعاني: {وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ:} معناه: وفي المطر رزقكم، سمّي المطر سماء؛ لأنه من السماء ينزل. قال معوّد الحكماء معاوية بن مالك: [الوافر] إذا نزل السماء بأرض قوم... رعيناه وإن كانوا غضابا

{وَما تُوعَدُونَ:} يعني من الجنة والنار. وقيل: من الثواب، والعقاب. وقيل: من الخير، والشر. أو أراد ما ترزقونه في الدنيا، وما توعدونه في العقبى، كله مقدر ومكتوب في السماء.

الإعراب: {وَفِي:} الواو: حرف عطف. (في الأرض): متعلقان بمحذوف خبر مقدم.

{آياتٌ:} مبتدأ مؤخر. {لِلْمُوقِنِينَ:} متعلقان بمحذوف صفة: {آياتٌ،} والجملة الاسمية معطوفة على ما قبلها. {وَفِي:} الواو: حرف عطف. (في أنفسكم): متعلقان بمحذوف خبر، والمبتدأ محذوف، التقدير: وفي أنفسكم آيات، والكاف في محل جر بالإضافة، والجملة الاسمية معطوفة على ما قبلها. {أَفَلا:} الهمزة: حرف استفهام توبيخي. الفاء: حرف استئناف.

(لا): نافية. {تُبْصِرُونَ:} فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ثبوت النون... إلخ، والواو فاعله، والجملة الفعلية مستأنفة، لا محلّ لها. {وَفِي السَّماءِ:} متعلقان بمحذوف خبر مقدم. {رِزْقُكُمْ:}

مبتدأ مؤخر، والكاف في محل جر بالإضافة، والجملة الاسمية معطوفة على ما قبلها. {وَما:}

الواو: حرف عطف. (ما): اسم موصول، أو نكرة موصوفة مبنية على السكون في محل رفع معطوفة على: {رِزْقُكُمْ}. {تُوعَدُونَ:} مضارع مبني للمجهول مرفوع، وعلامة رفعه ثبوت النون... إلخ، والواو نائب فاعله، والجملة الفعلية صلة (ما)، أو صفتها، والعائد، أو الرابط محذوف، التقدير: والذي، أو شيء توعدونه.

{فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ (٢٣)}

الشرح: {فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ:} الضمير يعود إلى (الرزق)، أو إلى: (ما توعدون).

{مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ} أي: مثل نطقكم، كما أنه لا شك لكم في أنكم تنطقون؛ ينبغي ألاّ تشكوا

<<  <  ج: ص:  >  >>