للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بسبب الاستفهام بعده. {أَيّانَ:} اسم استفهام مبني على الفتح في محل نصب على الظرفية الزمانية متعلق بمحذوف خبر مقدم. {يَوْمُ:} مبتدأ مؤخر، وهو مضاف، و {الْقِيامَةِ} مضاف إليه، والجملة الاسمية في محل نصب سدت مسد مفعولي {يَسْئَلُ،} والجملة الفعلية مستأنفة، وقال أبو البقاء: تفسير ل‍: (يفجر) فتكون مفسرة، مستأنفة، أو بدلا من الجملة قبلها؛ لأن التفسير يكون بالاستئناف، وبالبدل. انتهى. نقلا عن السمين.

{فَإِذا بَرِقَ الْبَصَرُ (٧) وَخَسَفَ الْقَمَرُ (٨) وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ (٩) يَقُولُ الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ (١٠)}

الشرح: {فَإِذا بَرِقَ الْبَصَرُ:} يقرأ الفعل بفتح الراء من باب: دخل، فيكون المعنى: لمع بصر الكافر من شدة شخوصه، فتراه لا يطرف. قال مجاهد، وغيره: هذا عند الموت. وقال الحسن:

هذا يوم القيامة. أقول: فيكون كقوله تعالى في سورة (إبراهيم) على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام: {إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ} رقم [٤٢]، وقوله تعالى في سورة (الأنبياء) رقم [٩٧]: {وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذا هِيَ شاخِصَةٌ أَبْصارُ الَّذِينَ كَفَرُوا}. هذا؛ وقرأ الكثيرون:

{بَرِقَ} بكسر الراء من باب: تعب، ومعناه: تحيّر، فلم يطرف. قاله أبو عمرو، والزجاج، وغيرهما. قال ذو الرمة: [الطويل]

ولو أنّ لقمان الحكيم تعرّضت... لعينيه ميّ سافرا كاد يبرق

وقال الفراء، والخليل: برق بالكسر: فزع، وبهت، والعرب تقول للإنسان المتحير المبهوت: قد برق فهو برق، وأنشد الفراء قول طرفة بن العبد: [المتقارب]

فنفسك فانع ولا تنعني... وداو الكلوم ولا تبرق

أي: لا تفزع من كثرة الكلوم التي بك. وقيل: إن كسر الراء وفتحها لغتان بمعنى واحد.

انتهى. قرطبي بتصرف. وأجمل القول الجلال-رحمه الله تعالى-، فقال: بكسر الراء، وفتحها:

دهش وتحيّر؛ لما رأى ممّا كان يكذب به.

{وَخَسَفَ الْقَمَرُ} أي: ذهب ضوءه. والخسوف في الدنيا ينجلي، بخلاف الآخرة، فإنه لا يعود ضوءه. هذا؛ وانظر الخسف في الآية رقم [١٦] من سورة (الملك). وقد قرئ (خسف) بالبناء للمعلوم، والمجهول. {وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ} أي: جمع بينهما في ذهاب ضوئهما، وقال النسفي -رحمه الله تعالى-: أي: جمع بينهما في الطلوع من المغرب، أو جمعا في ذهاب الضوء، أو يجمعان، فيقذفان في البحر فيكون نار الله الكبرى. وقال ابن عباس، وابن مسعود-رضي الله عنهما-: جمع بينهما، أي: قرن بينهما في طلوعهما من المغرب أسودين مكورين مظلمين مقرنين،

<<  <  ج: ص:  >  >>