للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أعيمش تريد أن تكون إماما للناس، ولا تعرف الخشوع؟! ليس الخشوع بأكل الخشن، ولبس الخشن، وتطأطؤ الرأس، ولكنّ الخشوع أن ترى الشريف، والدنيء في الحقّ سواء، وتخشع لله في كل فرض افترض عليك. ونظر عمر-رضي الله عنه-إلى شابّ؛ قد نكّس رأسه، فقال: يا هذا! ارفع رأسك، فإنّ الخشوع لا يزيد على ما في القلب. وقال عليّ كرم الله وجهه: الخشوع في القلب، وأن تلين كفّيك للمرء المسلم، وأن لا تلتفت في صلاتك. انتهى قرطبي. وانظر ما ذكرته في مطلع سورة (المؤمنون).

الإعراب: {وَاسْتَعِينُوا:} الواو: حرف عطف. ({اِسْتَعِينُوا}): فعل أمر مبني على حذف النون، والواو فاعله والألف للتفريق، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها من جمل.

{بِالصَّبْرِ:} متعلقان بما قبلهما. {وَالصَّلاةِ:} معطوف على ما قبلها. {وَإِنَّها:} الواو: واو الحال. ({إِنَّها}): حرف مشبه بالفعل، والهاء اسمها. {لَكَبِيرَةٌ:} اللام هي المزحلقة. (كبيرة):

خبر (إنّ) والجملة الاسمية في محل نصب حال من ({الصَّلاةِ})، والرابط الواو والضمير، أو هي معترضة في آخر الكلام على رأي من يجوّزه. {إِلاّ:} حرف حصر. {عَلَى الْخاشِعِينَ:} متعلقان ب‍ (كبيرة)، أو بمحذوف صفة لها.

{الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ راجِعُونَ (٤٦)}

الشرح: {الَّذِينَ يَظُنُّونَ:} يوقنون. هذا؛ والظن في الأصل: الاعتقاد الرّاجح مع احتمال النقيض، والظنّ في الشريعة قسمان: محمود، ومذموم، فالمحمود منه: ما سلم معه دين الظانّ، ودين المظنون عند بلوغه، والمذموم ضدّه، بدليل قوله تعالى: {إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} الآية رقم [١٢] من سورة (الحجرات)، وقوله تعالى في سورة (النّور) رقم [١٢]: {لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً،} وقوله تعالى في سورة (الفتح) رقم [١٢] أيضا: {وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْماً بُوراً}. هذا؛ وينبغي للإنسان أن يحسن ظنّه بالنّاس، ولا يسيء ظنّه بهم، استجابة لأمر الله تعالى في آية (الحجرات): {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} إلا إذا ظهر من أحدهم ما يخالف الشّرع الشّريف، ولا يسيء بهم الظنّ إلا الذي أعماله سيئة، قال الشاعر: [الطويل]

إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه... وصدّق ما يعتاده من توهّم

وكذلك ينبغي للمسلم أن يحسن ظنّه بالله تعالى بأنّ الله يرحمه، ويعفو عنه، ففي الحديث القدسي يقول الله تعالى: «أنا عند ظنّ عبدي بي...» إلخ، ولكن ينبغي أن يقرن حسن ظنه بالله بحسن العمل، وإلا؛ فهو ظنّ خاطئ، وزعم فاسد، ففي الحديث الشّريف، يقول الرسول صلّى الله عليه وسلّم:

«ليس الإيمان بالتمنّي، ولا بالتحلّي، ولكن ما ورد في القلب، وصدّقه العمل، إن قوما ألهتهم

<<  <  ج: ص:  >  >>