للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والرّضاعة. وقيل: {الْوَلايَةُ} بالفتح من الموالاة، كقوله تعالى: {اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا} وبالكسر:

السلطان، والقدرة، والإمارة. هذا؛ ويقرأ: {الْحَقِّ} بالرفع، والجر. {هُوَ خَيْرٌ ثَواباً} أي: في الدنيا، والآخرة لمن آمن به، وليس أحد ثمّ يرجى خيره، ولكنه أراد في ظنّ الجهال؛ أي: هو خير من يرجى. {وَخَيْرٌ عُقْباً} أي: هو خير عاقبة لمن رجاه وآمن به، ويقرأ: {عُقْباً:} بضم القاف، وسكونها. قال عيسى بن عمر: كل اسم على ثلاثة أحرف أوله مضموم، وأوسطه ساكن، فمن العرب من يخففه، ومنهم من يثقله، وذلك مثل عسر ويسر، ورحم، وحلم، ورسل... إلخ.

بعد هذا انظر {الْحَقِّ} في الآية رقم [٨١] من سورة (الإسراء)، أما {خَيْرٌ} فهو أفعل تفضيل، أصله: أخير، نقلت حركة الياء إلى الخاء؛ لأن الحرف الصحيح أولى بالحركة من حرف العلة، ثم حذفت الهمزة استغناء عنها بحركة الخاء، ومثله قل في حبّ وشرّ اسمي تفضيل؛ إذ أصلهما أحبب وأشرر، فنقلت حركة الباء الأولى والراء الأولى إلى ما قبلهما، ثم أدغم الحرفان المتماثلان في بعضهما، ثم حذفت الهمزة من أولهما، استغناء عنها بحركة الخاء، والشين، وقد يستعمل: خير، وشر على الأصل، كقراءة بعضهم قوله تعالى: {(سَيَعْلَمُونَ غَداً مَنِ الْكَذّابُ الْأَشِرُ)} بفتح الشين، ونحو قول رؤبة: [الرجز]

يا قاسم الخيرات وابن الأخير... ما ساسنا مثلك من مؤمّر

وخير وشر وحب يستعملن بصيغة واحدة للمذكر، والمؤنث، والمفرد، والمثنى، والجمع؛ لأنهنّ بمعنى: أفعل، كما رأيت. تأمل، وتدبر، وربك أعلم، وأجل، وأكرم.

الإعراب: {هُنالِكَ:} اسم إشارة مبني على السكون في محل نصب على الظرفية المكانية، أو الزمانية متعلق بمحذوف خبر مقدم. {الْوَلايَةُ:} مبتدأ مؤخر، والجملة الاسمية مستأنفة، لا محل لها، أو هو متعلق ب‍: {مُنْتَصِراً،} وعليه فالوقف على: {هُنالِكَ}. {لِلّهِ:} متعلقان بالولاية على الوجه الأول في الإعراب. ومتعلقان بمحذوف خبر {الْوَلايَةُ} على الوجه الثاني في إعراب {هُنالِكَ} والجملة الاسمية مستأنفة، لا محل لها. {الْحَقِّ:} بالجر صفة الجلالة، وبالرفع صفة الولاية، واللام للبعد، والكاف حرف خطاب لا محل له، وأجاز أبو البقاء اعتباره خبر مبتدأ محذوف؛ أي: هو الحق، واعتباره مبتدأ خبره الجملة الاسمية بعده. {هُوَ خَيْرٌ:} مبتدأ، وخبر، والجملة الاسمية مستأنفة، لا محل لها. {ثَواباً:} تمييز. {هُوَ خَيْرٌ:} معطوف على سابقه. {عُقْباً:} تمييز.

{وَاِضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّياحُ وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً (٤٥)}

الشرح: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ..}. إلخ: أي: اذكر، وقرر لأهل مكة حال الدنيا في زهرتها، ونضارتها، وسرعة زوالها، وفنائها. وينبغي أن تعلم: أن هذا الكلام فيه التفات من الغيبة، وهي

<<  <  ج: ص:  >  >>