للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأماني حتّى خرجوا من الدّنيا؛ ولا حسنة لهم، وقالوا: نحسن الظنّ بالله، كذبوا.. لو أحسنوا الظنّ؛ لأحسنوا العمل». وخذ قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «إيّاكم والظنّ، فإنّ الظنّ أكذب الحديث».

وهذا إذا كان ظنّ سوء، وأما الظنّ الحسن؛ فلا بأس به، بل هو ممدوح، كما قرّرته لك، وانظر الآية رقم [٧٨] الآتية.

{مُلاقُوا رَبِّهِمْ:} أصله: ملاقيو، استثقلت الضمة على الياء، فحذفت، ثم حذفت الياء لالتقاء الساكنين، ثم قلبت كسرة القاف ضمة لمناسبة الواو. وفسر اللقاء بالرؤية، وملاقو ربهم بما عاينوه بلا كيف. والمانعون للرؤية يفسّرونها بما يناسب المقام، كلقاء ثوابه، أو الجزاء مطلقا، وترد الملاقاة بمعنى الاجتماع، والمصير، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا} رقم [٧] من سورة (يونس) على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام. أي: لا يخافون المصير إلينا.

{وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ راجِعُونَ:} لا تكرار بين هذا، وما قبله؛ لأن المراد بالأول: أنهم ملاقو ثواب ربهم على الصبر، والصّلاة، والمراد بالثاني: أنهم يوقنون بالبعث، وبحصول الثّواب على ما ذكر.

الإعراب: {الَّذِينَ:} اسم موصول مبني على الفتح في محل جر بدل من {الْخاشِعِينَ} أو هو في محل نصب مفعول به لفعل محذوف. التقدير: أعني، وأمدح، أو هو في محل رفع خبر لمبتدإ محذوف، التقدير: هم الذين. {يَظُنُّونَ:} فعل مضارع مرفوع... إلخ، والواو فاعله. {أَنَّهُمْ} حرف مشبه بالفعل، والهاء اسمها. {مُلاقُوا} خبرها مرفوع وعلامة رفعه الواو نيابة عن الضمة؛ لأنه جمع مذكر سالم، وحذفت النون للإضافة. و {مُلاقُوا} مضاف، و {رَبِّهِمْ} مضاف إليه من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه. والهاء في محل جر بالإضافة، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه، و (أنّ) واسمها وخبرها في تأويل مصدر في محل نصب سدّ مسد مفعولي: {يَظُنُّونَ} والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محل لها. {أَنَّهُمْ} حرف مشبه بالفعل والهاء اسمها. {إِلَيْهِ:} جار ومجرور متعلقان بما بعدهما. {راجِعُونَ} خبر (أنّ) مرفوع... إلخ، والمصدر المؤول من (أنّ) واسمها، وخبرها معطوف على ما قبله، فهو في محل نصب مثله.

{يا بَنِي إِسْرائِيلَ اُذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ (٤٧)}

الشرح: {يا بَنِي إِسْرائِيلَ..}. إلخ: انظر الآية رقم [٤٠]. {فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ:} أي عالمي زمانهم، يريد الله به تفضيل آبائهم الذين كانوا في عصر موسى-عليه، وعلى نبينا ألف صلاة، وألف سلام-وبعد موسى قبل أن يغيروا ما منحهم الله تعالى من العلم، والإيمان، والعمل الصالح، وجعلهم أنبياء، وملوكا مقسطين. هذا؛ ولقد كرر هذا الكلام ثانية للتأكيد، وتذكيرا للتفضيل الذي هو من أجلّ النّعم، خصوصا. وقد ربطه بالوعيد الشّديد الآتي تخويفا لمن غفل عنها، وأخلّ بحقوقها. والكلام من تذكير اليهود الموجودين في عهد محمّد صلّى الله عليه وسلّم بما أنعم الله على آبائهم الأولين.

<<  <  ج: ص:  >  >>