للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استئنافيتين. {فَبَشِّرْهُ:} الفاء: هي الفصيحة. (بشره): فعل أمر، وفاعله مستتر فيه وجوبا، تقديره: «أنت»، والهاء مفعول به، والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنها جواب شرط غير جازم؛ إذ التقدير: وإذا كان ما ذكر واقعا منه فبشره، والجملة الشرطية هذه مستأنفة، لا محل لها.

{بِعَذابٍ:} متعلقان بما قبلهما. {أَلِيمٍ:} صفة (عذاب).

{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ لَهُمْ جَنّاتُ النَّعِيمِ (٨)}

الشرح: لما ذكر الله مآل المكذب بآيات الله؛ الذي يتخذها هزوا؛ ذكر عاقبة المؤمن بها، والعامل بتعاليمها. وهذا من باب المقابلة التي جرت سنة الله في كتابه أن يأتي بها، فإنه-تعالت حكمته، وتمت كلمته-لا يذكر التكذيب من الكافرين، والمنافقين؛ إلا ويذكر التصديق من المؤمنين، ولا يذكر الإيمان؛ إلا ويذكر الكفر، ولا يذكر الجنة؛ إلا ويذكر النار، ولا يذكر الرحمة؛ إلا ويذكر السخط؛ ليكون المؤمن راغبا راهبا، خائفا راجيا. هذا؛ والمراد ب‍: {جَنّاتُ النَّعِيمِ} نعيم الجنات، فعكس للمبالغة. بيضاوي. هذا؛ و {جَنّاتُ} جمع: جنة، وهي في الأصل: البستان الكثير الأشجار. وسميت الجنة بذلك؛ لأنها تجن، أي: تستر من يدخل فيها لكثرة أشجارها، وكثافتها، وينبغي أن يلاحظ: أن هذا الوعد للذكور والإناث الصالحات، وإن كان الكلام بصيغة جمع الذكور، فيمكن أن يكون من باب تغليب الذكور على الإناث، كما يمكن أن تكون الإناث ملحقة بالذكور إلحاقا، وهناك آيات كثيرة تثني على المؤمنات الصالحات، وتبشرهن بجنة عرضها الأرض والسموات، وآية الأحزاب رقم [٣٥] قرنت النساء بالرجال بالمدح والثناء بعشر صفات. ووعد الجميع بالأجر العظيم، والثواب الكبير.

الإعراب: {إِنَّ:} حرف مشبه بالفعل. {الَّذِينَ:} اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب اسمها، وجملة: {آمَنُوا} مع المتعلق المحذوف صلة الموصول، لا محل لها. (عملوا):

فعل ماض مبني على الضم، لاتصاله بواو الجماعة، والواو فاعله، والألف للتفريق.

{الصّالِحاتِ:} مفعول به منصوب، وعلامة نصبه الكسرة نيابة عن الفتحة؛ لأنه جمع مؤنث سالم، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، لا محل لها مثلها. {لَهُمْ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم. {جَنّاتُ:} مبتدأ مؤخر؛ و {جَنّاتُ} مضاف، و {النَّعِيمِ} مضاف إليه، والجملة الاسمية في محل رفع خبر {إِنَّ،} والجملة الاسمية: {إِنَّ الَّذِينَ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها.

{خالِدِينَ فِيها وَعْدَ اللهِ حَقًّا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٩)}

الشرح: {خالِدِينَ فِيها:} ماكثون في تلك الجنات، أي: المؤمنون، والمؤمنات، لا يفنون، ولا يخرجون، ولا يهرمون. روى مسلم عن جابر بن عبد الله-رضي الله عنهما-قال: قال

<<  <  ج: ص:  >  >>