الشرح:{سُورَةٌ:} هي الطائفة من القرآن، التي أقلها ثلاث آيات، منقولة، ومستعارة من سور المدينة؛ لأنها محيطة بطائفة من القرآن، كالتي نحن بصدد شرحها، محتوية على أنواع من العلم، احتواء سور المدينة على ما فيها، أو من السّورة، وهي الرتبة؛ لأن السّور كالمراتب، والمنازل يرتقي فيها القارئ، ولها مراتب في الطول، والقصر، والفضل، والشرف، وثواب القراءة، قال النابغة الذبياني في مدح النعمان بن المنذر:[الطويل]
ألم تر أنّ الله أعطاك سورة... ترى كلّ ملك دونها يتذبذب
والحكم في تفصيل القرآن، وتقطيعه سورا كثيرة: منها: أن الجنس إذا انطوت تحته أنواع، واشتمل على أصناف؛ كان أحسن من أن يكون بيانا واحدا. ومنها: أن القارئ إذا ختم سورة، ثم أخذ في أخرى؛ كان أنشط له، وأبعث على القراءة منه لو استمر على القرآن بطوله، ومن ثمّ جزّأ القراء القرآن أسباعا، وأجزاء، وعشورا، وأخماسا. ومنها: أن الحافظ إذا حفظ سورة اعتقد أنه أخذ من كتاب الله طائفة مستقلة بنفسها، ولها فاتحة وخاتمة، فيعظم عنده ما حفظه، ويجل في نفسه، ومنه قول أنس-رضي الله عنه-: (كان الرّجل إذا قرأ البقرة وآل عمران جلّ فينا). أي: عظم ولذا أنزل الله التوراة، والإنجيل، وسائر ما أوحاه إلى أنبيائه مسورة مترجمة السّور. وبوّب المصنفون في كل فن من كتبهم أبوابا موشحة الصدور بالتراجم. انتهى. نسفي في سورة (البقرة) آية [٣٢] بتصرف كبير مني.
{أَنْزَلْناها} أي: نزل بها عليك جبريل يا محمد مفرقة منجمة، وهو بمعنى: نزلنا، والفرق بين الفعلين: أن أنزل يفيد: أن القرآن، أو السورة نزل دفعة واحدة، وأما نزّل فيفيد: أن القرآن نزل