للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يطلب غيري من الرسل أجرا من أقوامهم على ما بلغوهم إياه. {إِنْ هُوَ إِلاّ ذِكْرى لِلْعالَمِينَ:} ما هو، أي: القرآن أو التبليغ، والإرشاد إلا عظة لجميع المخلوقات من الإنس، والجن.

تنبيه: احتج بالآية الكريمة بعض العلماء على أن محمدا صلّى الله عليه وسلّم أفضل من جميع الأنبياء وذلك لأن جميع خصال الكمال التي كانت متفرقة فيهم، أمر بالاقتداء بهم فيها، أي بالتخلق بها ليحوز الجميع، فكان نوح صاحب تحمل الأذى من قومه، وإبراهيم صاحب كرم، وإسحاق ويعقوب صاحبي صبر على البلاء، والمحن، وداود وسليمان من أصحاب الشكر على النعمة، وأيوب صاحب صبر على البلاء، ويوسف جامعا بين الصبر والشكر، وموسى صاحب الشريعة الظاهرة، وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس من أصحاب الزهد في الدنيا، وإسماعيل صاحب صدق، ويونس صاحب تضرع، فأمر محمد أن يقتدي بهم، وجمع له جميع ما تفرق فيهم. انتهى جمل نقلا من الخازن بالمعنى.

الإعراب: {أُولئِكَ الَّذِينَ:} مبتدأ، وخبر، انظر التفصيل في الآية السابقة. وجملة: {هَدَى اللهُ} صلة الموصول، والعائد محذوف؛ إذ التقدير (هداهم الله) والجملة الاسمية مستأنفة لا محل لها. {فَبِهُداهُمُ:} الفاء: هي الفصيحة؛ لأنها أفصحت عن شرط مقدر، وانظر ما ذكرته في الآية رقم [٣٥]. (بهداهم): جار ومجرور متعلقان بالفعل بعدهما، والهاء في محل جر بالإضافة.

{اِقْتَدِهْ:} فعل أمر مبني على حذف حرف العلة من آخره، وهو الياء، والكسرة قبلها دليل عليها، والفاعل مستتر تقديره: «أنت»، والهاء للسكت، وهي حرف يجتلب للاستراحة عند الوقف، وجوز أبو البقاء اعتبارها هاء الضمير، ولا أراه قويّا، والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنها جواب للشرط المقدر؛ إذ التقدير: وإذا كان ذلك حاصلا؛ فاقتد بهداهم. {قُلْ:} فعل أمر، وفاعله مستتر تقديره: «أنت». {لا:} نافية. {أَسْئَلُكُمْ:} مضارع، والفاعل مستتر تقديره: «أنا» والكاف مفعول به أول. {عَلَيْهِ:} متعلقان بالفعل قبلهما. {أَجْراً:} مفعول به ثان، والجملة الفعلية في محل نصب مقول القول، والجملة الفعلية: {قُلْ..}. إلخ مستأنفة لا محل لها. {إِنْ:} حرف نفي بمعنى ما. {هُوَ:} مبتدأ. {إِلاّ:} حرف حصر لا محل لها. {ذِكْرى:} خبر المبتدأ مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الألف للتعذر. {لِلْعالَمِينَ:} متعلقان ب‍: {ذِكْرى} لأنه مصدر، والجملة الاسمية: {إِنْ هُوَ..}. إلخ في محل نصب مقول القول أيضا.

{وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قالُوا ما أَنْزَلَ اللهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتابَ الَّذِي جاءَ بِهِ مُوسى نُوراً وَهُدىً لِلنّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَراطِيسَ تُبْدُونَها وَتُخْفُونَ كَثِيراً وَعُلِّمْتُمْ ما لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلا آباؤُكُمْ قُلِ اللهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ (٩١)}

الشرح: {وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ} أي: ما عظموه حق تعظيمه، أو: ما عرفوه حق معرفته في الرحمة، والإنعام على العباد. {إِذْ قالُوا ما أَنْزَلَ اللهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ:} حين أنكروا الوحي، وبعثة

<<  <  ج: ص:  >  >>