الإعراب:{وَنَجِّنا}: (نجنا): فعل دعاء مبني على حذف حرف العلة من آخره، وهو الياء، والكسرة قبلها دليل عليها، والفاعل مستتر تقديره:«أنت»، و (نا): مفعول به. {بِرَحْمَتِكَ}:
متعلقان بالفعل قبلهما، والكاف في محل جر بالإضافة. {مِنَ الْقَوْمِ}: متعلقان بالفعل: (نجنا).
{الْكافِرِينَ}: صفة القوم مجرور... إلخ، وجملة:{وَنَجِّنا..}. إلخ معطوفة على ما قبلها، فهي في محل نصب مقول القول أيضا.
الشرح:{وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءا}: اتخذا: يقال: بوأت زيدا مكانا، وبوأت لزيد مكانا، فالأول بمعنى: أنزلت زيدا مكانا، والثاني بمعنى: اتخذت لزيد مكانا، والمبوأ: المنزل الملزوم، ومنه: بوأه الله منزلا، أي: ألزمه إياه، وأسكنه فيه، قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم:«من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار». أخرجه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه، وانظر:{تُبَوِّئُ} في الآية رقم [١٢١](آل عمران) و {بَوَّأْنا} في الآية رقم [٢٦] من سورة (الحج)، و {تَبَوَّؤُا} في الآية رقم [٩] من سورة (الحشر)، و [٩٣] الآتية، والآية رقم [٧٣] من سورة (الأعراف).
{لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيُوتاً}: يسكنون فيها، أو يتعبدون فيها، قال كثير من المفسرين: كان بنو إسرائيل لا يصلون إلا في كنائسهم ومعابدهم، وكانت ظاهرة، فلما أرسل الله موسى إلى فرعون، أمر بمعابدهم فخرجت، ومنعوا الصلاة فيها. {وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً} أي: مصلى تصلون فيها مختفين من كيد فرعون وملئه لتأمنوا على أنفسكم، فأمروا بالصبر واتخاذ المعابد في البيوت، والمداومة على الصلاة، والدعاء إلى أن ينجز الله وعده، وهو المراد بقوله تعالى:{قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللهِ وَاصْبِرُوا..}. إلخ الآية رقم [١٢٨] -من سورة (الأعراف) -وقيل: المعنى:
اجعلوا بيوتكم يقابل بعضها بعضا، وقيل: المعنى اجعلوا مساجدكم إلى القبلة، أي: إلى بيت المقدس، وقيل: الكعبة، والأول أولى بالاعتبار. {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ}: أدوها كاملة في تلك البيوت. {وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ}: قيل: الخطاب لمحمد صلّى الله عليه وسلّم، والأظهر: أنه لموسى عليه السّلام، أي: بشر بني إسرائيل بأن الله سيظهرهم على عدوهم، وقد حقق الله ما وعد به، وهو يشمل كل مؤمن إلى يوم القيامة.
قال البيضاوي رحمه الله تعالى: وإنما ثنى الضمير أولا؛ لأن التبوؤ للقوم، واتخاذ المعابد مما يتعاطاه رءوس القوم بتشاور، ثم جمع؛ لأن جعل البيوت مساجد والصلاة فيها مما ينبغي أن يفعله كل أحد، ثم وحد؛ لأن البشارة في الأصل وظيفة صاحب الشريعة. انتهى.