من طين خالص، فأما ولده؛ فهو من طين ومني. وخلق الإنسان من تراب يكثر ذكره في القرآن الكريم، وشرحته في محاله، فلا حاجة إلى ذكره هنا.
الإعراب: {الَّذِي:} اسم موصول مبني على السكون في محل رفع خبر رابع للمبتدإ:
{ذلِكَ،} أو هو خبر لمبتدإ محذوف، تقديره: «هو» الذي. أو هو في محل نصب مفعول به لفعل محذوف، تقديره: أمدح، ونحوه. {أَحْسَنَ:} فعل ماض، وفاعله يعود إلى: {الَّذِي،} تقديره: «هو» وهو العائد، والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محل لها. {كُلَّ:} مفعول به، وهو مضاف، و {شَيْءٍ} مضاف إليه. {خَلَقَهُ:} فعل ماض، وفاعله يعود إلى: {الَّذِي} أيضا، والهاء مفعول به، والجملة الفعلية في محل نصب صفة: {كُلَّ،} أو في محل جر صفة:
{شَيْءٍ،} وهذا على قراءة الفعل بفتح اللام، وأما على قراءته بسكون اللام؛ فهو بدل من كل، أو هو مفعول أول، والمفعول الثاني {كُلَّ} تقدم عليه، وهذا على تضمين {أَحْسَنَ} معنى:
عرّف، وألهم، أو هو مفعول ثان، و {كُلَّ} مفعول أول على تضمين الفعل معنى: أعطى، والبدلية بدل اشتمال على اعتبار الضمير عائدا على {كُلَّ شَيْءٍ} وهذا هو المشهور المتداول، أو هو بدل كل من {كُلَّ} على اعتبار الضمير عائدا على (الله) تعالى، وأجاز مكي اعتباره مصدرا مثل: {صُنْعَ اللهِ} و {كِتابَ اللهِ} وليس بشيء يعتد به. {وَبَدَأَ:} الواو: حرف عطف.
(بدأ): فعل ماض، والفاعل يعود إلى الذي أيضا. {خَلْقَ:} مفعول به، وهو مضاف، و {الْإِنْسانِ} مضاف إليه، من إضافة المصدر لمفعوله، وفاعله محذوف، التقدير: وبدأ خلقه الإنسان. {مِنْ طِينٍ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما، أو بمحذوف حال من {خَلْقَ الْإِنْسانِ} أو بالمصدر، والمعنى: عليه أقوى. تأمل. والجملة الاسمية: هو الذي، أو الفعلية:
أمدح الذي: مستأنفة على الاعتبارين. تأمل، وتدبر، وربك أعلم، وأجل، وأكرم.
{ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ (٨)}
الشرح: {ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ:} ذرية آدم، سميت بذلك؛ لأنها تنسل منه، أي: تنفصل من سلالة.
{مِنْ ماءٍ مَهِينٍ:} ممتهن مبتذل. هذا؛ والسلالة: الخلاصة؛ لأنها تسل من بين الكدر. وقيل: إنما سمي التراب الذي خلق منه آدم: سلالة؛ لأنه سل من كل تربة. وقيل: السلالة المراد بها: ابن آدم.
قاله ابن عباس، وغيره. وعلى هذا؛ فالسلالة: صفوة الماء، يعني: المني، فالنطفة سلالة، والولد سليل، وسلالة، عنى به الماء يسل من الظهر سلا، قال حسان بن ثابت، رضي الله عنه: [الطويل] فجاءت به عضب الأديم غضنفرا... سلالة فرج كان غير حصين
وقالت هند بنت النعمان بن بشير-رضي الله عنهما-في مدح نفسها، وذمّ الحجاج الذي تزوجها في قصة مشهورة، وفي كتاب الأدب مسطورة: [الطويل]