للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا؛ ويقرأ: {يُنَزِّلُ} بالتشديد والتخفيف، و: {يُنَزِّلُ الْغَيْثَ} أي: المطر في وقته المقدر له، والمكان المعين له، لا يتجاوزه، ومن غير تقديم، ولا تأخير. وسمي المطر غيثا؛ لأنّه يغيث الناس، فيزيل همّهم، ويفرّج كربهم. ويطلق مجازا على الجواد الكريم، قال ذو الرمّة في مدح بلال بن أبي بردة الأشعري: [الوافر]

سمعت النّاس ينتجعون غيثا... فقلت لصيدح انتجعي بلالا

فقد جعله أجود من الغيث، وأنفع و: صيدح: اسم ناقته، وللزمخشري قوله: [البسيط]

لا تحسبوا أنّ في سرباله رجلا... ففيه غيث وليث مسبل مشبل

هذا؛ والقنوط من صفات الكافر، وأمّا المؤمن فإنه يشكر ربه عند النعمة، ويصبر، ويرجوه عند الشدة. والفعل: قنط، يقنط يأتي من الباب الرابع، والثاني، وبهما قرئ في هذه الآية. وقرأ الأعمش أيضا: قنط يقنط من الباب السادس. {وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ} أي: المطر في كل شيء من السهل، والجبل، والنبات، والحيوان. {وَهُوَ الْوَلِيُّ:} الذي يتولى عباده بإحسانه، ونشر رحمته.

{الْحَمِيدُ:} المحمود بكل لسان على ما أسدى لعباده من النعماء.

الإعراب: {وَهُوَ:} الواو: حرف استئناف. (هو الذي): مبتدأ، وخبر، والجملة الاسمية مستأنفة، لا محلّ لها، وجملة: {يُنَزِّلُ الْغَيْثَ} صلة الموصول، لا محلّ لها. {مِنْ بَعْدِ:}

متعلقان بالفعل قبلهما. وقيل: متعلقان بمحذوف حال، ولا وجه له. {ما:} مصدرية.

{قَنَطُوا:} فعل ماض مبني على الضم، والواو فاعله، والألف للتفريق، و {ما} والفعل {قَنَطُوا} في تأويل مصدر في محل جر بإضافة: {بَعْدِ} إليه. التقدير: من بعد قنوطهم.

{وَيَنْشُرُ:} الواو: حرف عطف. (ينشر): فعل مضارع، والفاعل يعود إلى: {الَّذِي}.

{رَحْمَتَهُ:} مفعول به، والهاء في محل جر بالإضافة، والجملة الفعلية معطوفة على جملة الصلة، لا محل لها مثلها، والجملة الاسمية: {وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ} معطوفة على ما قبلها، أو هي مستأنفة، لا محلّ لها على الاعتبارين.

{وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَثَّ فِيهِما مِنْ دابَّةٍ وَهُوَ عَلى جَمْعِهِمْ إِذا يَشاءُ قَدِيرٌ (٢٩)}

الشرح: {وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ} أي: ومن دلائل قدرته، وعجائب حكمته الدالة على وحدانيته خلق السموات، والأرض بهذا الشكل البديع، فإنّها بذاتها وصفاتها تدل على وجود صانع قادر حكيم. {وَما بَثَّ فِيهِما مِنْ دابَّةٍ} أي: وما نشر، وفرق في السموات، والأرض من مخلوقات. قال ابن كثير: وهذا يشمل الملائكة والإنس والجن، وسائر الحيوانات على

<<  <  ج: ص:  >  >>