للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإعراب: {رَبَّنا:} منادى حذف منه أداة النداء، و (نا): في محل جر بالإضافة، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه. {أَخْرِجْنا:} فعل دعاء، والفاعل مستتر تقديره: «أنت»، و (نا): مفعول به. {مِنْها:} متعلقان بما قبلهما. {فَإِنْ:} الفاء: حرف عطف، وتفريع. (إن):

حرف شرط جازم. {عُدْنا:} ماض مبني على السكون في محل جزم فعل الشرط، و (نا):

فاعله، والمتعلق محذوف، كما رأيت في الشرح، والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنها ابتدائية، ويقال: لأنها جملة شرط غير ظرفي. {فَإِنّا:} الفاء: واقعة في جواب الشرط. (إنا): حرف مشبه بالفعل، و (نا): اسمها، حذفت نونها، وبقيت الألف دليلا عليها. {ظالِمُونَ:} خبر (إنّ) مرفوع، وعلامة رفعه الواو... إلخ، ومتعلقه محذوف كما رأيت في الشرح، وفاعله مستتر فيه؛ لأنه جمع اسم الفاعل، والجملة الاسمية: {فَإِنّا ظالِمُونَ} في محل جزم جواب الشرط عند الجمهور، والدسوقي يقول: لا محل لها؛ لأنها لم تحل محل المفرد. هذا؛ والآية بكاملها في محل نصب مقول القول.

{قالَ اِخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ (١٠٨) إِنَّهُ كانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبادِي يَقُولُونَ رَبَّنا آمَنّا فَاغْفِرْ لَنا وَاِرْحَمْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الرّاحِمِينَ (١٠٩)}

الشرح: {قالَ} أي: الله مجيبا لهم. {اِخْسَؤُا فِيها:} اسكتوا سكوت هوان، فإنها ليست مقام سؤال، من خسأت الكلب خسئا: طردته، وخسأ الكلب بنفسه خسوآ، يتعدى، ولا يتعدى، ولم يرد هذا الفعل في غير هذه الآية لا بصيغة الماضي، ولا المضارع، ولا الأمر، وقد جاء منه اسم الفاعل:

{خاسِئِينَ} في البقرة رقم [٦٥]، وفي الأعراف رقم [١٦٦]، و {خاسِئاً} في سورة (الملك) رقم [٤].

{وَلا تُكَلِّمُونِ} أي: في رفع العذاب، أو تخفيفه، فإني لا أرفعه عنكم، فعند ذلك ييأس المجرمون من الفرج. قال الحسن رحمه الله تعالى: هو آخر كلام يتكلم به أهل النار، ثم لا يتكلمون بعد ذلك، ما هو إلا الزفير، والشهيق، وعواء كعواء الكلاب، لا يفهمون، ولا يفهمون. انتهى. خازن.

وقال الزمخشري في الكشاف: وعن ابن عباس-رضي الله عنهما-قال: إن لهم ست دعوات إذا دخلوا النار، قالوا ألف سنة: {رَبَّنا أَبْصَرْنا وَسَمِعْنا فَارْجِعْنا نَعْمَلْ صالِحاً} فيجابون بما يلي: {وَلكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنّاسِ أَجْمَعِينَ} سورة (السجدة)، فينادون ألف سنة: {رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا فَهَلْ إِلى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ؟} فيجابون:

{ذلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذا دُعِيَ اللهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ} سورة (غافر)، فينادون ألف سنة: {يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ} فيجابون: {إِنَّكُمْ ماكِثُونَ} سورة (الزخرف)، فينادون ألف سنة: {رَبَّنا أَخِّرْنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ} فيجابون: {أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ ما لَكُمْ مِنْ زَوالٍ}.

فينادون ألف سنة: {رَبَّنا أَخْرِجْنا نَعْمَلْ صالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنّا نَعْمَلُ} فيجابون: {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ}

<<  <  ج: ص:  >  >>