هذا؛ و (سبحان) اسم مصدر. وقيل: هو مصدر، مثل: غفران. وليس بشيء؛ لأن الفعل:
سبّح بتشديد الباء، والمصدر: تسبيح، ولا يكاد يستعمل إلا مضافا منصوبا بإضمار فعله مثل معاذ الله، وقد أجري علما على التسبيح بمعنى: التنزيه على الشذوذ في قول الأعشى: [السريع]
قد قلت لمّا جاءني فخره... سبحان من علقمة الفاخر
وتصدير الكلام به اعتذار عن الاستفسار، والجهل بحقيقة الحال، ولذلك جعل مفتاح التوبة بقوله تعالى حكاية عن قول موسى-على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام-: {سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظّالِمِينَ} وقد نزه الله ذاته في كثير من الآيات بنفسه تنزيها يليق بجلاله، وعظمته.
وجملة القول فيه: هو اسم موضوع موضع المصدر، وهو غير متمكن؛ لأنه لا يجري بوجوه الإعراب، من رفع وجر، ولا تدخل عليه الألف واللام، ولم يجئ من لفظه فعل، وذلك مثل: قعد القرفصاء، ولم ينصرف؛ لأن آخره زائدتين: الألف والنون. ومعناه التنزيه، والبراءة لله عز وجل من كل نقص، فهو ذكر لله تعالى، لا يصلح لغيره، وقد روي عن طلحة الخير بن عبيد الله، أحد العشرة المبشرين بالجنة-رضي الله عنهم-أنه قال للنبي صلّى الله عليه وسلّم: ما معنى سبحان الله؟ فقال: «تنزيه الله من كلّ سوء». والعامل فيه على مذهب سيبويه الفعل؛ الذي من معناه، لا من لفظه؛ إذ لم يجر له من لفظه فعل، وذلك مثل: قعد القرفصاء، فالتقدير عنده: أنزه الله تنزيها. فوقع: «سبحان الله» مكان قولك: «تنزيها لله». وقال الكسائي: هو منصوب على أنه نداء مضاف، وليس بشيء.
الإعراب: {قالُوا:} ماض، وفاعله، والألف للتفريق. {سُبْحانَ:} مفعول مطلق لفعل محذوف، كما رأيت في الشرح، وهو مضاف، و {رَبِّنا} مضاف إليه من إضافة اسم المصدر لفاعله، فيكون المفعول محذوفا، أو من إضافته لمفعوله، فيكون الفاعل محذوفا، (ونا): في محل جر بالإضافة، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه. {إِنّا:} حرف مشبه بالفعل، ونا في محل نصب اسمها. {كُنّا:} فعل ماض ناقص مبني على السكون، و (نا):
اسمها. {ظالِمِينَ:} خبر (كان)، والجملة الفعلية في محل رفع خبر (إنّ)، والكلام:
{سُبْحانَ..}. إلخ في محل نصب مقول القول، وجملة: {قالُوا..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها.
{فَأَقْبَلَ:} (الفاء): حرف عطف. (أقبل) فعل ماض. {بَعْضُهُمْ:} فاعل، والهاء في محل جر بالإضافة، {عَلى بَعْضٍ:} متعلقان بما قبلهما. {يَتَلاوَمُونَ:} فعل مضارع مرفوع... إلخ، والواو فاعله، والجملة الفعلية في محل نصب حال من {بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ،} والرابط: الضمير.
{قالُوا يا وَيْلَنا إِنّا كُنّا طاغِينَ (٣١)}
الشرح: {قالُوا:} حين رأوا ما حل بجنتهم من الهلاك: {يا وَيْلَنا:} يا هلاكنا! دعوا على أنفسهم بالويل، والثبور، وعظائم الأمور. {إِنّا كُنّا طاغِينَ:} ظالمين، متجاوزين ما كان يفعله