للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مرفوع... إلخ، والجملة الاسمية: {إِنّا بِما..}. إلخ في محل نصب مقول القول، وجملة: {وَما أَرْسَلْنا..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها.

{وَقالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالاً وَأَوْلاداً وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (٣٥)}

الشرح: {وَقالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالاً وَأَوْلاداً} أي: قال المترفون للرسل، ولأتباعهم الفقراء المستضعفين: فضلنا عليكم بالأموال، والأولاد، ولو لم يكن ربكم راضيا بما نحن فيه من الدين، والفضل؛ لم يخولنا ذلك. أرادوا: أنهم أكرم على الله من أن يعذبهم، نظرا إلى أحوالهم في الدنيا، وظنوا أنهم لو لم يكرموا على الله لما رزقهم الله الأموال، والأولاد، والجاه العظيم، والمقام الكريم، ولولا أن المؤمنين هانوا عليه؛ لما حرمهم متاع الدنيا، ومنعهم من التلذذ بنعيمها، فأبطل الله ظنهم بأن الرزق من فضل الله تعالى يقسمه كيف يشاء، فربما وسّع على العاصي، وضيّق على المطيع، وربما عكس، وربما وسع عليهما، أو ضيق عليهما، فلا ينقاس عليهما أمر الثواب في الآخرة.

وفي حديث ابن مسعود-رضي الله عنهما-عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «إن الله يعطي الدنيا من يحبّ ومن لا يحبّ، ولا يعطي الدين إلاّ لمن أحبّ، فمن أعطاه الدين؛ فقد أحبّه». رواه الإمام أحمد، وعن أبي سعيد الخدري-رضي الله عنه-: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «إنّ الله عز وجل ليحمي عبده المؤمن من الدّنيا، وهو يحبه، كما تحمون مريضكم الطعام، والشراب». رواه الحاكم.

وما درى هؤلاء الكافرون، والفاسدون، والمجرمون أن ما يعطيهم الله من نعيم الدنيا إنما هو على سبيل الاستدراج. قال تعالى: {سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ (٤٤) وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ}.

وقال جل ذكره: {مَنْ كانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا}. وقال جل شأنه، وتعالت حكمته:

{أَيَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِينَ (٥٥) نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ بَلْ لا يَشْعُرُونَ} من سورة (المؤمنون)، والأولى من سورة (الأعراف)، والثانية من سورة (مريم)، انظر شرح هذه الآيات في محالها؛ تجد ما يسرك، ويثلج صدرك.

{وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ:} لأن من أحسن الله إليه في الدنيا فلا يعذبه في الآخرة، وهذا على فرض، وتقدير الآخرة منهم؛ لأنهم ما كانوا يعتقدون بالبعث، والحساب، والجزاء.

الإعراب: {وَقالُوا:} الواو: حرف عطف. (قالوا): ماض، وفاعله، والألف للتفريق. {نَحْنُ أَكْثَرُ:} مبتدأ، وخبر، والجملة الاسمية في محل نصب مقول القول. {أَمْوالاً:} تمييز.

{وَأَوْلاداً:} معطوف عليه. {وَما:} الواو: حرف عطف. (ما): نافية حجازية تعمل عمل «ليس».

{نَحْنُ:} اسمها. {بِمُعَذَّبِينَ:} الباء: حرف جر صلة. (معذبين): خبر (ما) مجرور لفظا، منصوب محلا، والجملة الاسمية معطوفة على ما قبلها، فهي مثلها في محل نصب مقول القول، وجملة:

(قالوا...) إلخ معطوفة على جملة {قالَ مُتْرَفُوها} فهي في محل نصب حال مثلها.

<<  <  ج: ص:  >  >>