للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثالثة: لأول استعمالان: أحدهما: أن يكون صفة، أي أفعل تفضيل بمعنى الأسبق، فيعطى هذا حكم أفعل التفضيل من منع الصرف، وعدم تأنيثه بالتاء، ودخول من عليه، نحو هذا أوّل من هذين، ولقيته عاما أوّل. والثاني: أن يكون اسما مصروفا، نحو لقيته عاما أولا، ومنه قولهم: ما له أول، ولا آخر، قال أبو حيان: في محفوظي: أن هذا يؤنث بالتاء، ويصرف أيضا، فيقال: أوّله، وآخره بالتنوين. انتهى. جمع الجوامع شرح همع الهوامع للسيوطي.

الإعراب: {وَقالُوا:} الواو: حرف عطف. (قالوا): ماض، والواو فاعله، والألف للتفريق.

{أَساطِيرُ:} خبر لمبتدأ محذوف، التقدير: هذه أساطير، وهو مضاف، و {الْأَوَّلِينَ} مضاف إليه مجرور، وعلامة جره الياء نيابة عن الكسرة؛ لأنه جمع مذكر سالم، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد. {اِكْتَتَبَها:} ماض، والفاعل يعود إلى الرسول صلّى الله عليه وسلّم الذي يعنونه، و (ها): مفعول به، والجملة الفعلية في محل نصب حال من {أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ} و «قد» قبلها مقدرة، وقيل: {أَساطِيرُ} مبتدأ، والجملة الفعلية خبره. وليس بشيء. {فَهِيَ:} الفاء: حرف عطف. (هي): ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. {تُمْلى:} مضارع مبني للمجهول مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الألف للتعذر، ونائب الفاعل يعود إلى ما قبله، والجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ، والجملة الاسمية معطوفة على ما قبلها، فهي في محل نصب مقول القول مثلها. {بُكْرَةً:} ظرف زمان متعلق بالفعل قبله. (أصيلا): معطوف عل ما قبله، وجملة: {وَقالُوا..}. إلخ معطوفة على ما قبلها، لا محل لها مثلها.

{قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كانَ غَفُوراً رَحِيماً (٦)}

الشرح: {قُلْ:} هذا خطاب للنبي صلّى الله عليه وسلّم. {أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ..}. إلخ: ذكر السر دون الجهر؛ لأنه من علم السر فهو في الجهر أعلم، ولو كان القرآن مأخوذا من أهل الكتاب، وغيرهم لما زاد عليه، وقد أعجزكم عن آخركم بفصاحته، وتضمن أخبارا مغيبة مستقبلة، وأشياء مكنونة، لا يعلمها إلا عالم الأسرار؛ فكيف تجعلونه أساطير الأولين؟! وأيضا لو كان مأخوذا من هؤلاء لتمكن المشركون منه أيضا، كما تمكن محمد صلّى الله عليه وسلّم، وحينئذ كانوا يقدرون على معارضته، ولكنهم كانوا معاندين للحق، لا يهتدون إليه سبيلا.

{إِنَّهُ كانَ غَفُوراً رَحِيماً:} فلذلك لا يعاجلكم بالعقوبة أيها المبطلون على ما تفترونه؛ مع كمال قدرته عليها، واستحقاقكم أن يصب عليكم العذاب صبا. هذا؛ و {كانَ} في هذه الآية، وأمثالها من أفعال الاستمرار ليس على بابه من المضي، وإن المعنى: كان، ولم يزل كائنا إلى يوم القيامة، وإلى أبد الآبدين في الدنيا، والآخرة.

قال المرحوم سليمان الجمل: ومعلوم: أن {كانَ} في القرآن الكريم على أوجه: بمعنى الأزل، والأبد، وبمعنى المضي المنقطع، وهو الأصل في معناها، وبمعنى الحال، وبمعنى

<<  <  ج: ص:  >  >>