للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَمَأْواهُمْ}: الواو: واو الحال، (مأواهم): مبتدأ مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الألف للتعذر، والهاء: في محل جر بالإضافة. {جَهَنَّمُ}: خبر المبتدأ، والجملة الاسمية في محل نصب حال من {الْكُفّارَ وَالْمُنافِقِينَ} والرابط: الواو، والضمير، {وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}: فعل وفاعل، والمخصوص بالذم محذوف؛ إذ التقدير: المذمومة جهنم، والجملة الفعلية: {وَبِئْسَ الْمَصِيرُ..}. إلخ مستأنفة لا محل لها من الإعراب.

{يَحْلِفُونَ بِاللهِ ما قالُوا وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَهَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا وَما نَقَمُوا إِلاّ أَنْ أَغْناهُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْراً لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللهُ عَذاباً أَلِيماً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَما لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (٧٤)}

الشرح: لقد وردت روايات كثيرة بسبب نزول الآية، وأكتفي بذكر ما يلي:

أقام الرسول صلّى الله عليه وسلّم في غزوة تبوك شهرين، ينزل عليه القرآن، ويعيب المنافقين المتخلفين، فيسمع من معه منهم، منهم الجلاّس بن سويد، فقال الجلاس: والله لئن كان ما يقول محمد حقا لإخواننا الذين خلفناهم وهم ساداتنا وأشرافنا لنحن شر من الحمير، فقال عامر بن قيس الأنصاري رضي الله عنه للجلاس: أجل والله إن محمدا لصادق، وأنت شر من الحمير! فلما رجع الرسول صلّى الله عليه وسلّم إلى المدينة، أتاه عامر، فأخبره بما قال الجلاس، فاستحضره الرسول الكريم، فقال الجلاس: كذب عليّ عامر يا رسول الله! فأمرهما النبي العظيم أن يحلفا عند المنبر، فحلفا، الجلاس على النفي، وعامر على الإثبات، ثم رفع عامر يده إلى السماء، فقال: اللهم أنزل على نبيك تصديق الصادق منا، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم والمؤمنون: «آمين». فنزل جبريل عليه السّلام قبل أن يتفرقا بهذه الآية، حتى بلغ {فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْراً لَهُمْ،} فقام الجلاّس، فقال:

يا رسول الله أسمع الله قد عرض علي التوبة، صدق عامر بن قيس فيما قاله، لقد قلته، وأنا أستغفر الله، وأتوب إليه، فقبل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ذلك منه، فتاب، وحسنت توبته.

{يَحْلِفُونَ بِاللهِ}: إنما جمع الضمير مع كون الحالف واحدا؛ لأن جميع المنافقين كانوا يقولون مقالة الجلاس، ويحلفون بالله وهم كاذبون، {ما قالُوا} أي: ما ذكر عن الجلاس.

{وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ}: وهي كلمة الجلاس: (إن كان ما يقول محمد حقا فنحن شر من الحمير)، وقد أطلقت الكلمة على هذه الكلمات كلها، انظر الآية رقم [١٣٧] من سورة (الأعراف)، تجد ما يسرك. وانظر {وَكَفَرُوا} في الآية رقم [٦٦] (الأعراف). {وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ}: أظهروا كلمة الكفر بعد إظهار الإسلام، وهي ما تفوهوا به من كلمات، مثل كلمة

<<  <  ج: ص:  >  >>