للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{عُذْراً:} مفعول لأجله؛ إذ المعنى الملقيات ذكرا للإعذار، والإنذار. أو هما حال، التقدير:

يلقون الذكر في حال الإعذار، والإنذار؛ أي: معذرين، ومنذرين. وأجاز أبو البقاء اعتبارهما بدلا من {ذِكْراً} وهو قول للزمخشري ومن تبعه، كما أجاز أبو البقاء اعتبارهما مفعولين ل‍: {ذِكْراً}.

{إِنَّما:} (إنّ): حرف مشبه بالفعل. (ما): اسم موصول مبني على السكون في محل نصب اسم (إنّ). {تُوعَدُونَ:} فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع، ونائب الفاعل الواو، وهو المفعول الأول، والمفعول الثاني وهو العائد محذوف؛ إذ التقدير: إن الذي توعدونه. {لَواقِعٌ:} اللام: هي المزحلقة. (واقع): خبر (إنّ)، والجملة الاسمية جواب للقسم الأول، وما عطف عليه، وانظر ما ذكرته في أول النازعات بشأن الجواب للجميع، فإنه جيد. هذا؛ وإن اعتبرت (ما) مصدرية، فتؤول مع ما بعدها بمصدر في محل نصب اسم (إنّ) التقدير: إن وعد الله لواقع.

{فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ (٨) وَإِذَا السَّماءُ فُرِجَتْ (٩) وَإِذَا الْجِبالُ نُسِفَتْ (١٠) وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ (١١) لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ (١٢) لِيَوْمِ الْفَصْلِ (١٣) وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الْفَصْلِ (١٤) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (١٥)}

الشرح: {فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ:} ذهب ضوءها ومحي نورها، أو محقت ذواتها، فهو كقوله تعالى في سورة (التكوير): {وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ،} وفي سورة (الانفطار): {وَإِذَا الْكَواكِبُ انْتَثَرَتْ}.

{وَإِذَا السَّماءُ فُرِجَتْ:} فتحت، وشقت، مثل قوله تعالى: {إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ،} و {إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ} وقوله تعالى في سورة (النبأ): {وَفُتِحَتِ السَّماءُ فَكانَتْ أَبْواباً}. {وَإِذَا الْجِبالُ نُسِفَتْ:} قلعت من أماكنها، وهو مثل قوله تعالى في سورة (طه) رقم [١٠٥]: {وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ فَقُلْ يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً} والنسف: الأخذ بسرعة، مثل الخطف، يقال: نسفت الشيء، وأنسفته: إذا أخذته كله بسرعة، ونحوه قوله تعالى في سورة (الواقعة): {وَبُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا،} وقوله تعالى في سورة (المزمل) الآية [١٤]: {وَكانَتِ الْجِبالُ كَثِيباً مَهِيلاً} ومثل ذلك في المعنى كثير.

{وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ} أي: جمعت لوقتها ليوم القيامة. وقال مجاهد والزجاج: المراد بهذا التأقيت تبيين الوقت، الذي فيه يحضرون للشهادة على أممهم، والوقت: الأجل الذي يكون عنده الشيء المؤخر إليه، والمعنى الإجمالي: جمعت لميقات يوم معلوم، وهو يوم القيامة؛ ليشهدوا على الأمم، ونحوه قوله تعالى في سورة (المائدة) رقم [١٠٩]: {يَوْمَ يَجْمَعُ اللهُ الرُّسُلَ..}.

إلخ. هذا؛ وقرئ: «(وقّتت)» والمعنى واحد، وإبدال الهمزة واوا كثير ومستعمل مثل: (وجوه وأجوه) {لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ} أي: أخرت، وهذا تعظيم لذلك اليوم، فهو استفهام على التعظيم، والمعنى: جمعت الرسل في ذلك اليوم، لتعذيب من كذبهم، وتعظيم من آمن بهم. ثم بين ذلك اليوم، فقال تعالى: {لِيَوْمِ الْفَصْلِ} قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: يوم يفصل الرحمن فيه بين الخلائق بأعمالهم إلى الجنة، أو إلى النار.

<<  <  ج: ص:  >  >>