للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مثلها. {الَّذِينَ:} اسم موصول مبني على الفتح في محل جر صفة عباده، أو في محل جر بدل منه. {اِصْطَفى:} فعل ماض مبني على فتح مقدر على الألف، والفاعل يعود إلى {آللهُ،} والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محل لها، والعائد محذوف، التقدير: الذين اصطفاهم الله.

{آللهُ:} الهمزة حرف استفهام، وتوبيخ، وتقريع. (الله): مبتدأ. {خَيْرٌ:} خبره، والجملة الاسمية مستأنفة، لا محل لها، وهي في محل نصب مقول القول أيضا. {أَمّا:} أم: حرف عطف وهي متصلة بخلافها في الآيات التالية، فإنها منقطعة. (ما): اسم موصول، أو نكرة موصوفة مبنية على السكون في محل رفع معطوفة على لفظ الجلالة، والمعادل محذوف؛ لدلالة (خير) عليه، والجملة الفعلية بعدها صلتها، أو صفتها، والعائد، أو الرابط محذوف؛ إذ التقدير: أم الذي، أو:

شيء يشركونه مع الله تعالى. هذا؛ وأجيز اعتبار (ما) مصدرية. ولا أعتمده.

{أَمَّنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا بِهِ حَدائِقَ ذاتَ بَهْجَةٍ ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَها أَإِلهٌ مَعَ اللهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ (٦٠)}

الشرح: {أَمَّنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ:} قال أبو حاتم تقديره: آلهتكم خير أم من خلق... إلخ؟ وقيل: المعنى: أعبادة ما تعبدون من أوثانكم خير، أم عبادة من خلق السموات والأرض؟ فهو مردود على ما قبله من المعنى، وفيه معنى التوبيخ، والتقريع لهم، والتنبيه على قدرة الله تعالى، وعجز آلهتهم، وقرئ: «(آمن)» بتخفيف الميم. {وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا بِهِ حَدائِقَ ذاتَ بَهْجَةٍ:} فيه التفات من الغيبة إلى التكلم. هذا؛ والحدائق: جمع:

حديقة، وهي البستان الذي عليه حائط، فإن لم يكن عليه حائط، فهو البستان، وليس بحديقة، وقيل: الحدائق: النخل، والبهجة: الزينة والحسن، يبهج به من رآه. هذا؛ وقد قال تعالى في سورة (طه): {وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْ نَباتٍ شَتّى}.

{ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَها} أي: ما ينبغي لكم ذلك؛ لأنكم لا تقدرون عليه؛ لأن الإنسان يقول: أنا المنبت للشجرة بأن أغرسها، وأسقيها الماء، فأزال الله هذه الشبهة بقوله: {ما كانَ..}. إلخ؛ لأن إنبات الحدائق المختلفة الأصناف، والطعوم، والروائح المختلفة، والزروع المتنوعة، تسقى بماء واحد، لا يقدر عليه إلا الله تعالى ولا يتأتّى لأحد، وإنّ تأتّي ذلك لغيره محال. انتهى. خازن. وانظر ما ذكرته في الأحزاب [٣٦]: {وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ..}. إلخ.

قال القرطبي رحمه الله تعالى: وقد يستدل من هذا على منع تصوير شيء، سواء كان له روح أم لم يكن؟ وهو قول مجاهد، ويعضده قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: قال الله عز وجل: «ومن أظلم ممّن ذهب يخلق خلقا كخلقي، فليخلقوا ذرّة، أو ليخلقوا حبّة، أو ليخلقوا شعيرة». رواه مسلم في

<<  <  ج: ص:  >  >>