وفي القرطبي:{يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ} أي: ويحرم من يشاء. وفي تفضيل قوم بالمال حكمة؛ ليحتاج البعض إلى البعض، كما قال تعالى في سورة (الزخرف) رقم [٣٢]: {لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا} وكان هذا لطفا بالعباد، وأيضا ليمتحن الغني بالفقير، والفقير بالغني، كما قال تعالى في سورة (الفرقان) رقم [٢٠]: {وَجَعَلْنا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ}. انتهى. انظر شرحها هناك فإنّه جيد. {وَهُوَ الْقَوِيُّ:} الباهر القدرة، الغالب على كل شيء. {الْعَزِيزُ:} المنيع الذي لا يغلب، القاهر فوق عباده.
الإعراب:{اللهُ:} مبتدأ. {لَطِيفٌ:} خبره. {بِعِبادِهِ:} متعلقان ب: {لَطِيفٌ،} والهاء في محل جر بالإضافة. {يَرْزُقُ:} فعل مضارع، والفاعل يعود إلى:{اللهُ}. {مَنْ:} اسم موصول، أو نكرة موصوفة مبنية على السكون في محل نصب مفعول به، والجملة بعدها صلتها، أو صفتها، والعائد، أو الرابط محذوف، التقدير: يرزق الذي، أو شخصا يشاء رزقه، والجملة الفعلية في محل رفع خبر ثان للمبتدأ، وفيها معنى التفسير ل:{لَطِيفٌ}. {وَهُوَ:} الواو: واو الحال. (هو): مبتدأ، وما بعده خبران عنه، والجملة الاسمية في محل نصب حال من فاعل:
الشرح:{مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ} أي: كسب الآخرة، والمعنى: من كان يريد بعمله الآخرة، فأدّى حقوق الله، وأنفق في سبيل الله. {نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ} أي: فإنّما نعطيه ثواب ذلك مضاعفا، للواحد عشرا إلى سبعمئة فأكثر، قال تعالى في سورة (النساء) رقم [٤٠]: {وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً}. وقيل: المعنى: نوفقه للعبادة، ونسهلها عليه. {وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا} أي: المال، والسيادة، ورياسة الدنيا، والتمتع بالمستلذات، والشهوات المباحة، والمحظورة. {نُؤْتِهِ مِنْها:} فإنّا لا نحرمه منها. {وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ} أي: لا حظّ له في الآخرة؛ أي: لا ثواب له، ولا يدخل الجنة، قال تعالى في سورة (هود) رقم [١٥]:
فأنت ترى: أنّ ما هنا، وما في سورة (هود) على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام، قد أطلق هذا الوعد بينما هو مقيد بمشيئة الله في الآية رقم [١٨] من سورة (الإسراء): {مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ لِمَنْ نُرِيدُ..}. إلخ. قال القرطبي-رحمه الله تعالى-: والصحيح: أنّه من باب الإطلاق، والتقييد، ومثله قوله تعالى:{وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ}