للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{الدّاعِ إِذا دَعانِ} فهذا ظاهره خبر عن إجابة كل داع دائما على كل حال، وليس كذلك لقوله تعالى: {فَيَكْشِفُ ما تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شاءَ}.

وقال قتادة: إن الله تعالى يعطي على نية الآخرة ما شاء من أمر الدنيا، ولا يعطي على نية الدنيا إلاّ الدنيا، وقال أيضا: يقول الله تعالى: «من عمل لآخرته؛ زدناه في عمله، وأعطيناه من الدنيا ما كتبناه له، ومن آثر دنياه على آخرته؛ لم نجعل له نصيبا في الآخرة إلاّ النار، ولم يصب من الدنيا إلاّ رزقا قد قسمناه له، لا بدّ أن كان يؤتاه مع إيثار، أو غير إيثار». قرطبي.

تنبيه: (الحرث) في الأصل: إلقاء البذر في الأرض، ويطلق على الزرع الحاصل منه، ويستعمل في ثمرات الأعمال، ونتائجها بطريق الاستعارة المبنية على تشبيهها بالغلال الحاصلة، من البذور، المتضمن لتشبيه الأعمال بالبذور. انتهى. نقلا من أبي السعود.

قال القرطبي-رحمه الله تعالى-: هذه الآية تبطل مذهب أبي حنيفة في قوله: إنّه من توضأ تبردا: أنّه يجزيه عن فريضة الوضوء الموظف عليه، فإن فريضة الوضوء من حرث الآخرة، والتبرد من حرث الدنيا، فلا يدخل أحدهما على الآخر، ولا تجزي نيته عنه بظاهر هذه الآية.

قاله ابن العربي.

الإعراب: {مَنْ:} اسم شرط جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {كانَ:} فعل ماض ناقص مبني على الفتح في محل جزم فعل الشرط، واسمه مستتر تقديره: «هو»، يعود إلى:

{مَنْ}. {يُرِيدُ:} فعل مضارع، والفاعل يعود إلى: {مَنْ} أيضا. {حَرْثَ:} مفعول به، وهو مضاف، و {الْآخِرَةِ} مضاف إليه، والجملة الفعلية في محل نصب خبر: {كانَ}. {نَزِدْ:}

مضارع جواب الشرط، والفاعل مستتر تقديره: «نحن». {لَهُ:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما. {فِي حَرْثِهِ:} متعلقان به أيضا، والهاء في محل جر بالإضافة، وخبر المبتدأ الذي هو {مَنْ} مختلف فيه، كما رأيت في الآية رقم [١٠]. {وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا} إعرابه مثل سابقه. {نُؤْتِهِ:} مضارع جواب الشرط مجزوم، وعلامة جزمه حذف حرف العلة من آخره، وهو الياء، والكسرة قبلها دليل عليها، والفاعل مستتر، تقديره: «نحن»، والهاء مفعول به، وخبر المبتدأ مثل سابقه بلا فارق. {مِنْها:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما، والكلام كلّه مستأنف لا محلّ له. {وَما:} الواو: واو الحال. (ما): نافية. {لَهُ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم. {فِي الْآخِرَةِ:} متعلقان بالخبر المحذوف، أو بمحذوف خبر ثان، أو بمحذوف حال من الضمير المستتر في الخبر المحذوف، وبعضهم يجيز تعليقهما بمحذوف حال من: {نَصِيبٍ} على مثال ما رأيت في الآية رقم [٦]. {مَنْ:} حرف جر صلة. {نَصِيبٍ:} مبتدأ مؤخر مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على آخره، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد، والجملة الاسمية في محل نصب حال من الضمير المنصوب، والرابط: الواو، والضمير.

<<  <  ج: ص:  >  >>