للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجاهد المنافقين بإقامة الحجة عليهم، وزجرهم، وإقامة الحدود عليهم، واكفهرار الوجه لهم.

{وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} أي: شدد عليهم ما ذكر حتى ترهبهم، وتدخل الرعب في قلوبهم. {وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ:} مقرهم، ومآلهم بعد الموت جهنم يصلونها {وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} والمقر، والمآل هي.

الإعراب: {يا أَيُّهَا النَّبِيُّ:} انظر الآية رقم [١]. {جاهِدِ:} فعل أمر، وفاعله مستتر تقديره:

«أنت»، والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنها ابتدائية كالجملة الندائية قبلها. {الْكُفّارَ:} مفعول به. {وَالْمُنافِقِينَ:} الواو: حرف عطف. (المنافقين): معطوف على ما قبله منصوب مثله.

{وَاغْلُظْ:} فعل أمر، وفاعله تقديره: «أنت»، والجملة معطوفة على ما قبلها. {عَلَيْهِمْ:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما. {وَمَأْواهُمْ:} مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الألف للتعذر. {جَهَنَّمُ:} خبر المبتدأ، والجملة الاسمية في محل نصب حال من {الْكُفّارَ وَالْمُنافِقِينَ} والرابط: الواو، والضمير. {وَبِئْسَ:} الواو: حرف استئناف. (بئس المصير): فعل وفاعل، والمخصوص بالذم محذوف، التقدير: المذمومة جهنم، والجملة الفعلية مستأنفة لا محل لها من الإعراب. هذا؛ والآية مذكورة بحروفها في سورة (التوبة) رقم [٧٣].

{ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَتَ نُوحٍ وَاِمْرَأَتَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما فَلَمْ يُغْنِيا عَنْهُما مِنَ اللهِ شَيْئاً وَقِيلَ اُدْخُلا النّارَ مَعَ الدّاخِلِينَ (١٠)}

الشرح: {ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً..}. إلخ: أي: بين الله، وقرر. وضرب المثل في أمثال هذه المواضع عبارة عن إيراد حالة غريبة، ليعرف بها حالة أخرى مشاكلة لها في الغرابة. وما أكثر الأمثال التي ضربها الله في قرآنه؛ ليعتبر الناس فيها، ويتعظوا.

{اِمْرَأَتَ نُوحٍ:} اسمها: والهة، واسم امرأة لوط: والعة؛ قاله مقاتل. وقال الضحاك: عن عائشة-رضي الله عنها-: إن جبريل-عليه الصلاة والسّلام-نزل على النبي صلّى الله عليه وسلّم، فأخبره أن اسم امرأة نوح: واعلة، واسم امرأة لوط: والهة. وقيل: اسمها واهلة. وقيل: والعة. {كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ} أي: عند نبيين رسولين، لهما عليهما سلطة، وقوامة ليلا، ونهارا، يؤاكلانهما، ويضاجعانهما، ويعاشرانهما أشد العشرة، والاختلاط. والإضافة إضافة تشريف، وتفخيم، وتعظيم. هذا؛ وقد وصف الرسولين ب‍: {صالِحَيْنِ؛} لأن الصلاح درجة عالية، ومنزلة سامية، ومكانة رفيعة. انظر ما ذكرته في سورة (المنافقون) رقم [١٠] فإنه جيد.

{فَخانَتاهُما:} لم يرد بالخيانة خيانة العرض، والشرف، فهذا يستحيل في حق الأنبياء، وإنما كانت الخيانة في الدين، أي: كانتا كافرتين؛ لأن الزنى مستقبح عند جميع الناس، ولا

<<  <  ج: ص:  >  >>