للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بمعنى: حقّا. {لَمّا:} حرف نفي، وقلب، وجزم. هذا؛ وقال القرطبي-رحمه الله تعالى-:

(ما) زائدة مثل قوله تعالى: {فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ} وقوله: {عَمّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نادِمِينَ} وهذا يعني:

أن اللام للأمر، وهي مكسورة، ولم يقرأ أحد بذلك. {يَقْضِ:} فعل مضارع مجزوم ب‍: {لَمّا،} وعلامة جزمه حذف حرف العلة من آخره، وهو الياء، والكسرة قبلها دليل عليها، والفاعل يعود إلى (الله). {ما:} اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. {أَمَرَهُ:} فعل ماض، والفاعل يعود إلى (الله)، والهاء مفعول به، والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محل لها، والعائد محذوف، التقدير: الذي أمره الله به. وجملة: {كَلاّ لَمّا..}. إلخ مستأنفة.

تنبيه: لقد رأيت: أن الفاعل في الأفعال الثمانية المتقدمة المذكورة قد عاد إلى غير مذكور لفهمه من سياق الكلام، والمقام يدل عليه، وهذا مستعمل في القرآن الكريم، والكلام العربي، من ذلك قوله تعالى في سورة (الواقعة): {فَلَوْلا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ،} وفي سورة (ص) رقم [٣٢]، وفي سورة (هود) على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام رقم [٤٤]، وفي سورة (لقمان) رقم [١٦]، وسورة (النساء) رقم [٤٠]، وفي سورة (القيامة) رقم [٢٦] انظر هذه الآيات في محالها؛ تجد ما يسرك، ويثلج صدرك؟

{فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ إِلى طَعامِهِ (٢٤) أَنّا صَبَبْنَا الْماءَ صَبًّا (٢٥) ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا (٢٦) فَأَنْبَتْنا فِيها حَبًّا (٢٧) وَعِنَباً وَقَضْباً (٢٨) وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً (٢٩) وَحَدائِقَ غُلْباً (٣٠) وَفاكِهَةً وَأَبًّا (٣١) مَتاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ (٣٢)}

الشرح: قال القرطبي-رحمه الله تعالى-: لماذا ذكر الله جل ثناؤه ابتداء خلق الإنسان؛ ذكر ما يسر من رزقه؛ أي: فلينظر كيف خلق الله طعامه. وهذا النظر نظر القلب بالفكر؛ أي: ليتدبر كيف خلق الله طعامه الذي هو قوام حياته، وكيف هيأ له أسباب المعاش؛ ليستعد بها للمعاد، وروي عن الحسن، ومجاهد قالا: أي: فلينظر إلى مدخل الطعام، ومخرجه. وروى ابن أبي خيثمة عن الضحاك بن سفيان الكلابي قال: قال لي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «يا ضحّاك ما طعامك؟». قلت: يا رسول الله! اللحم، واللبن. قال: «نعم يصير إلى ماذا؟». قلت: إلى ما قد علمته! قال: «فإنّ الله ضرب ما يخرج من ابن آدم مثلا للدّنيا». وقال أبي بن كعب-رضي الله عنه-: قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إن مطعم ابن آدم، جعل مثلا للدّنيا وإن قزّحه، وملّحه، فانظر إلى ما يصير». والمعنى: إن المطعم، وإن تكلف الإنسان التنوق في صنعته، وتطييبه، فإنه عائد إلى حال يكره، ويستقذر، فكذلك الدنيا المحروص على عمارتها، ونظم أسبابها راجعة إلى خراب وإدبار. انتهى. قرطبي. والمراد بالإنسان: ابن آدم.

{أَنّا صَبَبْنَا الْماءَ صَبًّا:} المراد: المطر الذي ينزل من السماء، والذي يتسبب عنه النبات في الأرض. {ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا:} فيخرج منها النبات على اختلاف أنواعه، ومنافعه. فقيل: هو

<<  <  ج: ص:  >  >>