للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من باب الإسناد الحقيقي. وقيل: بل هو من باب الإسناد المجازي من باب إسناد الفعل إلى السبب.

{فَأَنْبَتْنا فِيها حَبًّا} أي: الحبوب التي يتغذى منها الإنسان، كالقمح، والشعير، والذرة، ونحو ذلك. {وَعِنَباً:} وهذا غذاء من وجه، وفاكهة من وجه، فلهذا أتبعه الحبّ. {وَقَضْباً:} هو القت، وهو الرطب سمي بذلك؛ لأنه يقتضب؛ أي: يقطع في كل الأيام، كالبقول: التي تقضب مرة بعد مرة. وقال ابن عباس-رضي الله عنهما-: هو الرطب؛ لأنه يقضب من النخل، ولأنه ذكر بعد العنب. وقال الخليل: القضب: الفصفصة الرطبة. {وَزَيْتُوناً} أي: شجرة الزيتون؛ التي يستخرج منها الزيت، انظر ما ذكرته في الآية رقم [٢٠] من سورة (المؤمنون). {وَنَخْلاً} أي:

شجر النخيل. {وَحَدائِقَ} أي: بساتين، واحدها: حديقة. قال الكلبي: كل شيء أحيط عليه من نخيل، أو شجر؛ فهو حديقة، وما لم يحط عليه؛ فليس بحديقة. {غُلْباً:} عظاما شجرها.

يقال: شجرة غلباء، ويقال: الغلب الشجر الملتف بعضه على بعض. ويقال للأسد: الأغلب؛ لأنه مصمت العنق، لا يلتفت إلا جميعه. قال العجاج: [الرجز]

ما زلت يوم البين ألوّي صلبي... والرّأس حتّى صرت مثل الأغلب

ورجل أغلب بين الغلب: إذا كان غليظ الرقبة. والأصل في الوصف بالغلب الرقاب، فاستعير. قال عمرو بن معدي كرب الزبيدي-رضي الله عنه-: [الكامل]

يمشي بها غلب الرّقاب كأنّهم... بزل كسين من الكحيل جلالا

والكحيل: نوع من القطران، تطلى به الإبل الجرب، ولا يستعمل إلا مصغرا. {وَفاكِهَةً:}

يعني: جميع ألوان الفاكهة التي خلقها الله للتفكه، والتلذذ. {وَأَبًّا} يعني: الكلأ، والمرعى؛ الذي لم يزرعه الناس مما يأكله الدواب، والأنعام. وقال ابن عباس، والحسن-رضي الله عنهما-: الأب: كل ما أنبتت الأرض مما لا يأكله الناس، وما يأكله الآدميون هو الحصيد، ومنه قول الشاعر في مدح النبي صلّى الله عليه وسلّم: [الطويل]

له دعوة ميمونة ريحها الصّبا... بها ينبت الله الحصيدة والأبّا

وقال إبراهيم التيمي: سئل أبو بكر-رضي الله عنه-عن تفسير الفاكهة، والأب، فقال: أيّ سماء تظلني، وأيّ أرض تقلني إذا قلت في كتاب الله ما لا أعلم؟ وقال أنس-رضي الله عنه-:

سمعت عمر بن الخطاب-رضي الله عنه-قرأ هذه الآية، ثم قال: كل هذا قد عرفناه، فما الأب؟ ثم رفع عصا كانت بيده وقال: هذا لعمر الله التكلف، وما عليك يا بن أم عمر ألا تدري ما الأب؟! ثم قال: اتبعوا ما بيّن لكم من هذا الكتاب، وما لا؛ فدعوه.

وروي عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «خلقتم من سبع، ورزقتم من سبع، فاسجدوا لله على سبع».

وإنّما أراد: بقوله: «خلقتم من سبع». يعني: من نطفة، ثم من علقة، ثم من مضغة... إلخ

<<  <  ج: ص:  >  >>