ولا تنسى أنّ بين الجملتين:({يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ}) و ({يَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ}) مقابلة، وهي من المحسّنات البديعية.
الإعراب:{وَلْتَكُنْ:} الواو: حرف عطف. اللام: لام الأمر. (تكن): فعل مضارع ناقص مجزوم بلام الأمر. {مِنْكُمْ} جار ومجرور متعلقان بالفعل الناقص، أو بمحذوف حال من:
{أُمَّةٌ} كان نعتا له، انظر الآية السابقة. {أُمَّةٌ} اسم: (تكن). {يَدْعُونَ:} فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ثبوت النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، والواو فاعله، ومفعوله، ومفعول ما بعده محذوف للعلم به، والجملة الفعلية في محل نصب خبر:(تكن). هذا؛ وإن اعتبرت الفعل تامّا، ف {أُمَّةٌ} فاعله، وجملة:{يَدْعُونَ} في محل صفة له، وقد جمع الضمير مع كونه راجعا إلى:
{أُمَّةٌ} وذلك باعتبار عدد أفراد الأمة. {إِلَى الْخَيْرِ:} متعلقان بالفعل قبلهما، والجملتان:
{وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} معطوفتان على الجملة السابقة على الوجهين المعتبرين فيها.
{وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ:} انظر إعراب مثلها في الآية رقم [٨٢]
الشرح: ينهى الله عز وجل عباده المؤمنين عن التفرّق، والاختلاف كما اختلف اليهود، والنصارى في أمر دينهم. وانظر ما ذكرته فيما مضى. قيل: تفرقوا بسبب العداوة، واتباع الهوى، واختلفوا في دين الله، فصاروا فرقا مختلفين. وقال ابن عباس-رضي الله عنهما-: أمر الله المؤمنين بالجماعة، ونهاهم عن الاختلاف، والفرقة، وأخبرهم إنّما هلك من كان قبلهم بالمراء، والخصومات في الدّين. {مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ} أي: الحجج الواضحات، فعلموها، ثم خالفوها. وذكّر الفعل؛ لأنّ البينات ليست مؤنثا حقيقيّا وفي كثير من الآيات:{جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ}. {وَأُولئِكَ لَهُمْ..}. إلخ أي: لهؤلاء الذين تفرقوا، واختلفوا عذاب عظيم في الآخرة، وفيه زجر عظيم للمؤمنين عن التفرّق، والاختلاف، وخذ ما يلي:
عن أبي هريرة-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «كلّ أمّتي يدخلون الجنّة إلاّ من أبى» قالوا: ومن يأبى؟ قال:«من أطاعني؛ دخل الجنّة، ومن عصاني؛ فقد أبى». أخرجه البخاري. وعن ابن عمر-رضي الله عنهما-: أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «إنّ الله لا يجمع أمّتي على ضلالة، ويد الله مع الجماعة، ومن شذّ شذّ في النّار». أخرجه الترمذيّ.
وعن أبي ذرّ-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من فارق الجماعة شبرا فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه». أخرجه أبو داود. أراد ب «ربقة الإسلام»: عقد الإسلام. وأصله: أنّ