للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا؛ و (بشر) يطلق على الإنسان ذكرا، أو أنثى، مفردا، أو جمعا، مثل كلمة: «الفلك» تطلق على المفرد، والجمع، وسمي بنو آدم بشرا لبدو بشرتهم، وهي ظاهر الجلد، بخلاف أكثر المخلوقات، فإنها مكسوة بالشعر، أو بالصوف، أو بالريش. هذا؛ و (بشر) يطلق على الواحد، كما في قوله تعالى: {فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا} الآية رقم [١٧] من سورة (مريم) على نبينا، وعليها ألف صلاة، وألف سلام، ولذا ثني في قوله تعالى: {فَقالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنا} الآية رقم [٤٧] من سورة (المؤمنون) ويطلق على الجمع، كما في قوله تعالى: {فَإِمّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً} الآية رقم [٢٦] من سورة (مريم) أيضا.

هذا؛ وفي الآيات التفات من التكلم إلى الغيبة، ثم من الغيبة إلى التكلم، كما هو واضح، وللالتفات فوائد كثيرة، منها تطرية الكلام، وصيانة السمع عن الضجر، والملال؛ لما جبلت عليه النفوس من حب التنقلات، والسآمة من الاستمرار على منوال واحد، هذه فوائده العامة، ويختص كل موضع بنكت، ولطائف باختلاف محله، كما هو مقرر في علم البديع، ووجهه:

حث السامع، وبعثه على الاستماع حيث أقبل المتكلم عليه، وأعطاه فضل عنايته، وخصه بالمواجهة. هذا؛ و (مت) يقرأ بضم الميم وكسرها، فالأول من باب: نصر، ك‍: قلت وصنت، والثاني من باب: علم ك‍: خفت ونمت. وقال المفسرون: من: مات، يمات، كخاف، يخاف، ونام، ينام، وهو بعد الإعلال يعود إلى باب: علم.

الإعراب: {وَما:} الواو: حرف استئناف. (ما): نافية. {جَعَلْنا:} فعل، وفاعل.

{لِبَشَرٍ:} متعلقان بالفعل قبلهما، وقيل: متعلقان بمحذوف في محل نصب مفعول به ثان، ولا وجه له. {مِنْ قَبْلِكَ:} متعلقان به أيضا، أو هما متعلقان بمحذوف صفة (بشر) والكاف في محل جر بالإضافة. {الْخُلْدَ:} مفعول به، وجملة: {وَما جَعَلْنا..}. مستأنفة لا محل لها.

{أَفَإِنْ:} الهمزة: حرف استفهام. الفاء: حرف استئناف، أو هي عاطفة على محذوف. (إن):

حرف شرط جازم. {مِتَّ:} ماض مبني على السكون في محل جزم فعل الشرط، والتاء فاعله، والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنها ابتدائية، ويقال: لأنها جملة شرط غير ظرفي. {فَهُمُ:}

الفاء: واقعة في جواب الشرط. (هم الخالدون): مبتدأ وخبر، والجملة الاسمية في محل جزم جواب الشرط عند الجمهور، والدسوقي يقول: لا محل لها؛ لأنها لم تحل محل المفرد، والكلام: {أَفَإِنْ..}. إلخ مستأنف لا محل له.

{كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنا تُرْجَعُونَ (٣٥)}

الشرح: {كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ:} هذا التعميم مخصوص بقوله تعالى: {تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ} فإن الله تعالى حي لا يموت، ولا يجوز عليه الموت. و (الذوق) هاهنا

<<  <  ج: ص:  >  >>