للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ..}. إلخ. أي: سمحن، ووهبن عن طيب نفس للأزواج، أو للأولياء عن شيء من مهورهنّ، فلا بأس به بعد قبضها له. وقالوا: إذا كان بعد سنة من زواجها؛ لأنّها صاحبة الحق، تفعل في مهرها ما تشاء، والضمير في منه يعود إلى الصّداق المفهوم مما تقدّم. {فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً} أي: لا إثم فيه، ولا حرج، ولا داء فيه أيضا. أو هنيئا في الدنيا بلا مطالبة، مريئا في العقبى بلا تبعة. وهما صفتان من: هنؤ الطّعام، ومرؤ: إذا كان سائغا، لا تنغيص فيه. ومنه قول كثيّر عزّة: [الطويل]

هنيئا مريئا غير داء مخامر... لعزّة من أعراضنا ما استحلّت

روي: أن رجلا دخل على علقمة؛ وهو يأكل شيئا وهبته له امرأته من مهرها، فقال له: كل من الهنيء، والمرئ. وروي عن عليّ-رضي الله عنه، وكرم الله وجهه-: أنه قال: إذا اشتكى أحدكم شيئا، فليسأل امرأته ثلاثة دراهم من صداقها، ثم ليشتر بها عسلا، فليشربه بماء السّماء، فيجمع الله هنيئا، ومريئا، وشفاء، ومباركا. وروي: أن ناسا يأكلون يتأثّمون أن يقبل أحدهم من زوجته شيئا ممّا ساقه إليها من المهر، فنزلت الآية الكريمة.

الإعراب: {وَآتُوا النِّساءَ} مثل سابقه في إعرابه، {صَدُقاتِهِنَّ:} مفعول به ثان منصوب، وعلامة نصبه الكسرة نيابة عن الفتحة؛ لأنه جمع مؤنث سالم، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، لا محلّ لها مثلها. {نِحْلَةً:} مفعول مطلق على حد: قعدت جلوسا، أو هو حال بمعنى: ناحلين إن كان من واو الجماعة، أو بمعنى: منحولين، إن كانت من النّساء، أو من الصّدقات. وقيل: هو تمييز. (إن): حرف شرط جازم. {طِبْنَ:} فعل ماض مبني على السكون في محل جزم فعل الشرط، ونون النسوة فاعله، والجملة الفعلية لا محل لها... إلخ. {لَكُمْ:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما. {عَنْ شَيْءٍ:} متعلقان به أيضا. {مِنْهُ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة:

{شَيْءٍ}. {نَفْساً:} تمييز محول عن الفاعل. {فَكُلُوهُ:} الفاء: واقعة في جواب الشرط. (كلوه):

فعل أمر مبني على حذف النون، والواو فاعله، والهاء مفعول به، والجملة الفعلية في محل جواب الشرط عند الجمهور، والدّسوقي يقول: لا محل لها... إلخ. {هَنِيئاً مَرِيئاً:} حال من الضمير المنصوب. وقيل: هما صفتان لمفعول مطلق محذوف، التقدير: أكلا هنيئا مريئا، والأول أقوى، وهما بمعنى: مهنّأ ممرّأ، و (إن) ومدخولها كلام مفرغ عمّا قبله لا محل له من الإعراب.

{وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِياماً وَاُرْزُقُوهُمْ فِيها وَاُكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً (٥)}

الشرح: {وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ..}. إلخ: لمّا أمر الله بدفع أموال اليتامى إليهم فيما تقدّم، وإيصال الصّدقات إلى الزّوجات؛ بيّن أنّ السّفيه، وغير البالغ لا يجوز دفع ماله إليه، فدلّت الآية على ثبوت الوصيّ، والوليّ، والكفيل للأيتام. وفي هذه الآية دليل الحجر على

<<  <  ج: ص:  >  >>