للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالمجرمين كذلك» في محل رفع خبر (إنّ)، والجملة الاسمية: {إِنّا..}. إلخ مستأنفة، وهي بمنزلة البدل مما قبلها.

{إِنَّهُمْ كانُوا إِذا قِيلَ لَهُمْ لا إِلهَ إِلاَّ اللهُ يَسْتَكْبِرُونَ (٣٥)}

الشرح: {إِنَّهُمْ كانُوا} أي: كفرة قريش، فالضميران يعودان إليهم. {إِذا قِيلَ لَهُمْ لا إِلهَ إِلاَّ اللهُ} أي: إذا قيل لهم: قولوا: لا إله إلا الله. {يَسْتَكْبِرُونَ} أي: عن كلمة التوحيد. أو: على من يدعوهم إليها. يروى: أنه لما قال النبي صلّى الله عليه وسلّم لأبي طالب عند موته، واجتماع قريش: قولوا:

«لا إله إلا الله؛ تملكوا بها العرب، وتدين لكم بها العجم» أبوا، وأنفوا من ذلك.

فعن أبي هريرة-رضي الله عنه-عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «أمرت أن أقاتل الناس؛ حتى يقولوا:

لا إله إلاّ الله، فمن قال: لا إله إلاّ الله؛ فقد عصم منّي ماله، ونفسه إلا بحقّه، وحسابه على الله عز وجل». أخرجه ابن أبي حاتم. وروى ابن أبي حاتم أيضا عن أبي العلاء-رضي الله عنه- قال: يؤتى باليهود يوم القيامة، فيقال لهم: ما كنتم تعبدون؟ فيقولون: نعبد الله، وعزيرا. فيقال لهم: خذوا ذات الشمال. ثم يؤتى بالنصارى. فيقال لهم: ما كنتم تعبدون؟ فيقولون: نعبد الله، والمسيح، فيقال لهم: خذوا ذات الشمال. ثم يؤتى بالمشركين، فيقال لهم: لا إله إلا الله، فيستكبرون. ثم يقال لهم: لا إله إلا الله، فيستكبرون. ثم يقال لهم: لا إله إلاّ الله، فيستكبرون.

فيقال لهم: خذوا ذات الشمال. قال أبو نضرة: فينطلقون أسرع من الطير. قال أبو العلاء: ثم يؤتى بالمسلمين، فيقال لهم: ما كنتم تعبدون؟ فيقولون: كنا نعبد الله تعالى، فيقال لهم: هل تعرفونه؛ إذا رأيتموه؟ فيقولون: نعم، فيقال لهم: فكيف تعرفونه، ولم تروه؟ فيقولون: نعلم أنه لا عدل له. قال: فيتعرف لهم تبارك وتعالى، وتقدّس، وينجي الله المؤمنين. أخرجه ابن أبي حاتم عن أبي العلاء موقوفا. انتهى. مختصر ابن كثير.

الإعراب: {إِنَّهُمْ:} (إنّ): حرف مشبه بالفعل، والهاء اسمها. {كانُوا:} فعل ماض ناقص، والواو اسمه، والألف للتفريق. {إِذا:} انظر الآية رقم [١١]. {قِيلَ:} فعل ماض مبني للمجهول. {لَهُمْ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما. {لا:} نافية للجنس تعمل عمل:

«إنّ». {إِلهَ:} اسم {لا} مبني على الفتح في محل نصب، وخبرها محذوف تقديره: موجود.

{إِلاَّ:} حرف حصر. {اللهُ:} فيه ثلاثة أوجه: أحدها: اعتباره بدلا من اسم {لا} على المحل؛ إذ محله الرفع على الابتداء. والثاني: اعتباره بدلا من {لا} واسمها؛ لأنها وما بعدها في محل رفع بالابتداء. والثالث: اعتباره بدلا من الضمير المستكن في الخبر المحذوف. وهو الأولى، والأقوى. والجملة الاسمية: {لا إِلهَ..}. إلخ في محل رفع نائب فاعل: {قِيلَ،} وهذا على قول من يجيز وقوع الجملة فاعلا، ويكون جاريا على القاعدة في بناء الفعل للمجهول:

«يحذف الفاعل، ويقام المفعول مقامه». وهذا لا غبار عليه. وقيل: نائب الفاعل ضمير مستتر،

<<  <  ج: ص:  >  >>