كأنه قيل: وأرزق من كفر، وهذا المحذوف مضارع مرفوع، وفاعله مستتر تقديره: أنا، وجملة {كَفَرَ} مع فاعله المستتر، ومتعلقه المحذوف صلة الموصول لا محل لها، وجوز أن تكون ({مِنَ}) نكرة موصوفة فتكون الجملة الفعلية صفة لها.
معطوفة على جملة:«أرزق من كفر». هذا؛ ويجوز أن تكون (من): موصولة، أو شرطية مبنية على السكون في محل رفع مبتدأ، وجملة:{كَفَرَ:} صلتها، أو شرطها، وجملة:(أمتعه) خبره والفاء صلة على اعتبار ({مِنَ}) موصولا، وهي رابطة للجواب على اعتبار ({مِنَ}) شرطا، وجملة (أمتعه) في محل رفع خبر لمبتدإ محذوف، التقدير:(أنا أمتعه) وعليه فالجملة اسمية لا فعلية، وهي في محل جزم جواب الشرط. وجملة:{ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلى عَذابِ النّارِ} معطوفة على جملة:
(أمتعه) ب {ثُمَّ} على جميع الوجوه المعتبرة فيها، وجملة:{وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} مستأنفة لا محل لها، والمخصوص بالذمّ محذوف، التقدير: هو العذاب، أو: هو النار، ونحو ذلك.
الشرح:{وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْماعِيلُ:}{يَرْفَعُ:} يبني، ورد التعبير بصورة المضارع حكاية عن الماضي، ولذلك وجه معروف في محاسن البيان، وهو استحضار الصورة الماضية، وكأنّما هي مشاهدة بالعيان، فكأنّ السامع ينظر، ويرى إلى البنيان وهو يرتفع، والبنّاء هو: إبراهيم، وإسماعيل، على نبينا، وعليهما ألف صلاة، وألف سلام. {الْقَواعِدَ:} الأسس التي ترتكز عليها الجدران، أو هي الجدران نفسها. {الْبَيْتِ:} الكعبة المعظمة.
هذا وفي القسطلاني على البخاريّ ما نصّه، وبنيت الكعبة عشر مرات: الأول: بناء الملائكة، روي: أن الله تعالى أمرهم أن يبنوا في كلّ سماء بيتا، وفي كل أرض بيتا، قال مجاهد: هي أربعة عشر بيتا، الثاني: بناء آدم. روي: أنه قيل له: أنت أوّل الناس، وهو أول بيت وضع للناس. الثالث: بناه ابنه شيث عليه السّلام بالطّين، والحجارة، فلم يزل معمورا به، وبأولاده، ومن بعدهم حتّى كان زمن نوح عليه السّلام فأغرقه الطّوفان، وغيّر مكانه. الرابع:
بناء إبراهيم، وكان المبلّغ له ببنائه جبريل عن الملك الجليل، والمبلّغ، والمهندس: جبريل، والباني: الخليل، والمعين والمساعد: إسماعيل. الخامس: بناء العمالقة. السّادس: بناء جرهم، والذي بناه منهم الحارث بن مضاض الأصغر. السابع: بناه قصيّ خامس جدّ للنبي صلّى الله عليه وسلّم، الثامن: بناء قريش، وحضره النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وهو ابن خمس وثلاثين سنة. التاسع: بناء عبد الله بن