حرف استئناف، أو هي الزائدة، والواو حرف استئناف. اللام: لام الأمر، (يتوكل): فعل مضارع مجزوم بلام الأمر، وحرك بالكسرة لالتقاء الساكنين. {الْمُؤْمِنُونَ:} فاعل مرفوع، وعلامة رفعه الواو... إلخ، والجملة الفعلية هذه مستأنفة لا محلّ لها. هذا؛ وقال أبو البقاء- رحمه الله تعالى-: دخلت الفاء لمعنى الشرط، والمعنى: إن فشلوا؛ فتوكلوا أنتم، وإن صعب الأمر؛ فتوكلوا. وعليه: فالواو ليست زائدة، وإنّما هي عاطفة جملة شرطية على الكلام السابق، وتكون الفاء هي الفصيحة، ولا يخفى ما فيه من التكلّف. وهذه الجملة مذكورة في الآية رقم [١٦٠] الآتية، انظرها هناك.
الشرح: يذكّر الله الصحابة الكرام-الذين أصيبوا في غزوة أحد-بنعمته عليهم في غزوة بدر الكبرى، وكان ذاك حين اعتمدوا، وتوكّلوا على الله. وبدر: ماء هنالك، وبه سمي الموضع، وقال الشعبيّ-رحمه الله تعالى-: كان ذلك الماء لرجل من جهينة يسمّى بدرا، وبه سمّي الموضع، ويوم بدر كان يوم الجمعة وافق السّابع عشر من رمضان من سنة اثنتين من الهجرة، وهو يوم الفرقان؛ الّذي أعز الله فيه الإسلام، وأهله، ودفع فيه الشرك، وحزبه مع قلّة المسلمين، وكثرة المشركين. {وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ} أي: ذليلون، جمع: ذليل، واسم الذلّ هنا مستعار؛ لأنّهم كانوا في أنفسهم أعزّة، ولكن نسبتهم إلى عدوّهم، وإلى جميع الكفار في أقطار الأرض تقتضي عند المتأمّل ذلّتهم، وأنهم يغلبون لقلّة عددهم، وضعف عددهم من ضعف الحال، وقلّة السلاح، والمركوب، والمال، وذلك؛ لأنهم خرجوا يوم بدر على نواضح. وقد تكفّلت سورة (الأنفال) بشرح غزوة بدر.
{فَاتَّقُوا اللهَ} أي: في الثبات مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، واصبروا، فإنّ النّصر مع الصبر، وأنّ مع العسر يسرا. {لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} أي: بتقواكم، وطاعتكم لله ما أنعم عليكم من نصرته يوم بدر مع قلّة عددكم، وضعف قوّتكم.
{لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} الله على ما أنعم به عليكم. والترجّي إنّما هو بحسب عقول البشر؛ لأنّ الله تعالى لا يحصل منه ترجّ لعباده. تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا! هذا، والفعل يتعدّى بنفسه، وبحرف الجر، تقول: شكرته، وشكرت له، كما تقول: نصحته، ونصحت له، وباللام أفصح، هذا ومن أسماء الله تعالى: الشّكور، ومعناه: هو الذي يجازي على يسير الطاعات كثير الدّرجات، ويعطي في أيام معدودة نعما في الآخرة غير محدودة. وخذ ما يلي: قيل في معنى الشكر لله تعالى ما يلي: