الشرح:{وَخَلَقَ اللهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ:} قال البيضاوي: كأنه دليل على الحكم السابق من حيث إنّ خلق ذلك بالحق المقتضي للعدل يستدعي انتصار المظلوم من الظالم، والتفاوت بين المحسن، والمسيء، وإذا لم يكن ذلك في المحيا؛ كان بعد الممات. {وَلِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ:} إن خيرا فخير، وإن شرا فشر. {وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ} أي: بنقص ثواب المحسن، وزيادة عقاب المسيء. وقال الخازن: ومعنى الآية: أنّ المقصود من خلق هذا العالم إظهار العدل، والرحمة، وذلك لا يتم إلاّ في القيامة؛ ليحصل التفاوت بين المحقين، والمبطلين في الدرجات والدركات.
هذا؛ و (الحق) ضد الباطل. قال الراغب: أصل الحق المطابقة، والموافقة، كمطابقة رجل الباب في حقّه لدورانه على الاستقامة. والحق يقال لموجد الشيء بحسب ما تقتضيه الحكمة، ولذلك قيل في الله تعالى: هو الحق. وللموجود بحسب مقتضى الحكمة، ولذلك يقال: فعل الله كله حق، نحو الموت، والحساب... إلخ، وللاعتقاد في الشيء المطابق ما عليه ذلك الشيء في نفسه، نحو اعتقاد زيد في الجنة حق. وللفعل، والقول الواقعين بحسب ما يجب، وقدر ما يجب في الوقت الذي يجب، نحو قولك حق، وفعلك حق. ويقال: أحققت ذا؛ أي: أثبته حقا، أو حكمت بكونه حقا. انتهى. بغدادي.
الإعراب:{وَخَلَقَ:} الواو: حرف عطف. (خلق): فعل ماض. {اللهُ:} فاعله، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، أو مستأنفة، لا محل لها. {السَّماواتِ:} مفعول به منصوب، وعلامة نصبه الكسرة نيابة عن الفتحة؛ لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم. {وَالْأَرْضَ:} معطوف على ما قبله. {بِالْحَقِّ:} متعلقان بمحذوف حال من الفاعل، أو المفعول. {وَلِتُجْزى:} الواو:
حرف عطف. (لتجزى): فعل مضارع مبني للمجهول منصوب ب: «أن» مضمرة بعد لام التعليل، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على الألف للتعذر. {كُلُّ:} نائب فاعل، وهو مضاف، و {نَفْسٍ} مضاف إليه، و «أن» المضمرة، والفعل المضارع في تأويل مصدر في محل جر باللام، والجار والمجرور معطوفان على علة مقدرة؛ إذ التقدير: خلق السموات والأرض بالحق؛ ليدل على قدرته، ووحدانيته. ولتجزى... إلخ. {بِما:} متعلقان بالفعل: (تجزى)، و (ما) تحتمل الموصولة، والموصوفة، والمصدرية، فعلى الأولين مبنية على السكون في محل جر بالباء، والجملة الفعلية بعدها صلتها، أو صفتها، والعائد، أو الرابط محذوف، التقدير: بالذي، أو بشيء كسبته، وعلى اعتبار «ما» مصدرية تؤول مع الفعل بعدها بمصدر في محل جر بالباء،