للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

و {عُقْبَى}: مضاف، و {الدّارِ} مضاف إليه، والجملة الاسمية: {لِمَنْ..}. إلخ في محل نصب مفعول به للفعل (يعلم) والجملة الفعلية مستأنفة لا محل لها، أو هي معطوفة على ما قبلها على اعتبارها مستأنفة.

{وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ (٤٣)}

الشرح: {وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا}: المراد بهم مشركو العرب، وقيل: المراد بهم رؤساء اليهود. {لَسْتَ مُرْسَلاً} أي: من عند الله، بل أنت متقول، وإنما قالوا للنبي صلّى الله عليه وسلّم ذلك حين لم يأتهم بما اقترحوا عليه من المعجزات والآيات. {قُلْ}: أي: قل لهم يا محمد. {كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ}: المراد بشهادة الله على نبوة محمد صلّى الله عليه وسلّم ما أظهر على يديه من المعجزات الباهرات، والآيات القاهرة الدالة على صدقه، وأعظمها القرآن الكريم؛ الذي أسكت فصحاءهم، وأخرس بلغاءهم، وتحداهم بأن يأتوا بمثله، ولكنهم عجزوا عن ذلك، بل هم أعجز وأعجز.

{وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ} أي: ومن عنده علم الكتاب يشهد على نبوتك وصدقها، وهذا احتجاج على مشركي العرب؛ لأنهم كانوا يرجعون إلى أهل الكتاب أي: من آمن منهم، وهم مؤمنو أهل الكتاب، كعبد الله بن سلام، وسلمان الفارسي، وتميم الداري، والنجاشي وأصحابه، قاله قتادة وسعيد بن جبير، ورد هذا بأن السورة مكية، وهؤلاء إنما أسلموا بالمدينة. أقول: وهذا يصح على القول إن السورة مدنية، وهو لا غبار عليه، وانظر ما ذكرته في أول السورة.

وقيل: المراد به جبريل عليه السّلام، وهو ضعيف؛ لأن جبريل لا تمكن شهادته ورؤيته، وقيل: المراد به المؤمنون من هذه الأمة، وهو ضعيف؛ لأن الكفار لا يقبلون شهادة المؤمنين، هذا؛ وقرئ: {(وَمَنْ عِنْدَهُ)} بكسر الميم والدال فيكون المعنى: ومن عند الله علم الكتاب، أي:

القرآن، كما قرئ: {(وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ)} بكسر الميم، وضم العين في (علم) على أنه ماض بالبناء للمجهول، وهو بمعنى سابقه.

{لَسْتَ}: حذفت عينه لالتقاء الساكنين: الياء والسين؛ إذ أصله ليس بكسر الياء، ثم سكنت الياء للتخفيف، ولم تقلب ألفا على القياس؛ لأن التخفيف بالتسكين في الجامد أسهل من القلب، فلما اتصل بضمير رفع متحرك، سكنت العين، فالتقى ساكنان: الياء والسين، فحذفت الياء لالتقاء الساكنين، فصار لست.

{كَفى}: هذا الفعل بمعنى: اكتف، فالباء زائدة في الفاعل عند الجمهور، وهو لازم لا ينصب المفعول به، ومثله مضارعه، كما في قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ} وأما إذا كان بمعنى: جزى وأغنى، فيكون متعديا لمفعول واحد، وإذا كان بمعنى: وقى؛ فإنه يكون متعديا

<<  <  ج: ص:  >  >>