اعتبر الجمل {فِي كُلِّ قَرْيَةٍ} هو المفعول الثاني وجب تقديمه؛ ليصح عود الضمير عليه، و {أَكابِرَ} هو المفعول الأول، وما بعده مضاف إليه، ثم قال: وهذا أحسن الأعاريب، ثم نقل عن السمين كلاما كثيرا لا طائل تحته. {لِيَمْكُرُوا:} مضارع منصوب بأن مضمرة بعد لام التعليل. وقيل: هي لام العاقبة، وعلامة نصبه حذف النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، والواو فاعله، والألف للتفريق، و «أن» المضمرة والمضارع في تأويل مصدر في محل جر باللام، والجار والمجرور متعلقان بالفعل جعلنا. {فِيها:} متعلقان بالفعل قبلهما. {وَما:} الواو: واو الحال. (ما): نافية. {يَمْكُرُونَ:} فعل وفاعل، {إِلاّ:} حرف حصر. {بِأَنْفُسِهِمْ:} متعلقان بالفعل قبلهما، والهاء في محل جر بالإضافة، والجملة الفعلية:{وَما يَمْكُرُونَ..}. إلخ في محل نصب حال من واو الجماعة، والرابط: الواو، والضمير، وهو أولى، وأقوى من الاستئناف، وجملة:{وَما يَشْعُرُونَ} معطوفة عليها.
الشرح:{جاءَتْهُمْ آيَةٌ} أي: جاء كفار قريش علامة، وبينة تدل على صدق الرسول صلّى الله عليه وسلّم.
وانظر الآية رقم [٤] و [٥]. {قالُوا} أي: كفار قريش، وانظر «القول» في الآية رقم [٧/ ٣]. {لَنْ نُؤْمِنَ حَتّى نُؤْتى مِثْلَ ما أُوتِيَ رُسُلُ اللهِ} أي: قالوا: لن نصدق محمدا حتى ينزل علينا مثل ما نزل عليه من الوحي، والآيات القرآنية. {نُؤْتى:} انظر (أتى) في الآية رقم [٤]. {مِثْلَ:} انظر الآية رقم [٩٣]. {رُسُلُ:} انظر الآية رقم [٥/ ٨٣] وأيضا رقم [٥/ ١٩]. {اللهِ:} انظر الاستعاذة. {اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ} أي: الله أعلم بالشخص الذي يستحق النبوة، والرسالة، فيخص بها من علم أنه يصالح لها، وذلك بما تحلى به ذلك الشخص من فضائل نفسانية، وأخلاق حميدة؛ إذ الرسالة ليست بالمال، ولا بقوة الرجال، ولا بشرف الأنساب. هذا؛ ويقرأ: «(رسالاته)».
{سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا:} كفروا، وعاندوا. {صَغارٌ:} ذلة، وحقارة. {عِنْدَ اللهِ} أي: يوم القيامة، وقد أصابتهم في الدنيا قبل الآخرة، وذلك بغزوة بدر، وفتح، مكة وغيرهما، {وَعَذابٌ شَدِيدٌ،} أي في الآخرة، وانظر:{وَعَذابٌ} في الآية رقم [٥/ ٣٩]. {بِما كانُوا يَمْكُرُونَ:} بسبب مكرهم، وخداعهم، وخروجهم عن جادة الحق والصواب، وانظر (المكر) في الآية السابقة. هذا؛ والعندية هنا مجاز عن حشرهم يوم القيامة، أو عن حكمه، وقضائه بذلك.