للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ ماذا تَعْبُدُونَ (٨٥)}

الشرح: في هذه الآية توبيخ لهم، وإنكار على أبيه، وقومه على عبادة من لا يستحق العبادة. والمعنى: ما هذا الذي تعبدونه من الأوثان، والحجارة، والأصنام؟! وانظر ما ذكرته في شرح (أبيه) في الآية رقم [٧٤] من سورة (الأنعام) ففيها الكفاية.

الإعراب: {إِذْ:} بدل مما قبلها، أو هو متعلق بالفعل {جاءَ،} أو ب‍: {سَلِيمٍ}. والأول أقوى. {قالَ:} فعل ماض، والفاعل يعود إلى (إبراهيم). {لِأَبِيهِ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما، وعلامة الجر الياء نيابة عن الكسرة؛ لأنه من الأسماء الخمسة، والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة. {وَقَوْمِهِ:} معطوف على ما قبله. {ماذا:} (ما) اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. (ذا): اسم موصول مبني على السكون في محل رفع خبره، والجملة الفعلية بعده صلته، والعائد محذوف، التقدير: ما الذي تعبدونه. هذا؛ ويجوز اعتبار: {ماذا} اسم استفهام مركبا مبنيا على السكون في محل نصب مفعولا مقدما، وعليه:

فالجملة فعلية، وعلى الأول فهي اسمية. وعلى الاعتبارين فهي في محل نصب مقول القول، وجملة: {قالَ..}. إلخ في محل جر بإضافة {إِذْ} إليها.

{أَإِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللهِ تُرِيدُونَ (٨٦) فَما ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ (٨٧) فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ (٨٨) فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ (٨٩) فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ (٩٠)}

الشرح: {أَإِفْكاً:} الإفك: أسوأ الكذب، والأفاك: كثير الإفك، وهو الكذب، قال تعالى في سورة (الجاثية) الآية رقم [٧]: {وَيْلٌ لِكُلِّ أَفّاكٍ أَثِيمٍ}. {دُونَ اللهِ تُرِيدُونَ} أي: غير الله تعبدون من أجل الإفك، والكذب، والزور، والبهتان. {فَما ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ} أي: شيء تظنونه بربكم؛ وقد عبدتم غيره، وقد علمتم: أنه المنعم، والمتفضل على الحقيقة، فكان جديرا بالعبادة، ولكنكم عبدتم الحجارة، والأوثان من دونه.

{فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ (٨٨) فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ:} قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: كان قومه يتعاطون علم النجوم، فعاملهم من حيث كانوا يتعاطون، ويتعاملون به، لئلا ينكروا عليه، وذلك: أنه أراد أن يكايدهم في أصنامهم، ليلزمهم الحجة في أنها غير معبودة، وكان لهم من الغد عيد، ومجمع، فكانوا يدخلون على أصنامهم، ويقربون لها القرابين، ويضعون بين أيديها الطعام، قبل خروجهم إلى عيدهم، وزعموا التبرك عليه، فإذا انصرفوا من عيدهم؛ أكلوه، فقالوا لإبراهيم-على نبينا، وحبيبنا، وعليه أفضل الصلاة، وأتم التسليم-: ألا تخرج معنا إلى عيدنا؟ فنظر في النجوم، فقال: إني سقيم. قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: أي: مطعون،

<<  <  ج: ص:  >  >>